للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

العام لكل ما فيه سعادة المجتمع وخاصة للأمن والنظام والسلام لما اشتمل عليه من قواعد العدل والرحمة والحرية حتى صار دستورا يعمل به في كل جديد من مختلف العصور. لم يأت (مؤتمر سان فرنسيسكو) وغيره من الهيئات التي تحاول وضع مبادئ للحرية والسلام والأمن الدولي بشيء أفضل من مضمون هذا الدستور الإلهي وتطبيق مبادئه السامية عملا بالإشارة التي جاءت بالآية الكريمة (وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فاصلحوا بينهما، فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفئ إلى أمر الله؛ فإن فاءت فأصلحوا بينهما بالعدل واقسطوا إن الله يحب المقسطين) فرسالة محمد صلى الله عليه وسلم من أهم مقاصدها هداية الخلق وحقن الدماء ونشر السكينة والسلام. فبعد أن تمت له الهجرة وبلغ الرسالة ربه كانت الحكومة في عهده قائمة على العدل والحرية والإخاء المستمد من هدى القران الكريم ولم يستعن فيها النبي بعسس ولا شرط للمحافظة على الأموال والأنفس والثمرات. وكان مما يساعد على ذلك:

١ - الهيبة التي كان يتمتع بها صلى الله عليه وسلم؛ فقد ملأت قلوب المؤمنين والكافرين والمنافقين على السواء، وقلما كانت نفس المجرم أو قاطع طريق تحدثه بارتكاب ما حرم الله لما غشيهم من خشية الله وهيبة رسوله وقد روى أن أعرابيا دخل عليه صلى الله عليه وسلم فارتاع من هيبته فقال له: (خفف عليك فإنما أنا ابن امرأة من قريش كانت تأكل القديد).

٢ - إن الناس في الصدر الأول من الإسلام ما كادوا يتلقون الدعوة ويدخلون أفواجا في دين الله حتى فاضت قلوبهم بتقوى الله ورهبته وقلت الجرائم التي كانت ترتكب في الجاهلية. وأصبح كل إنسان على نفسه حسيبا ورقيبا، فمن ارتكب جرما في السر أو العلانية سارع إلى الاعتراف للمصطفى صلى الله عليه وسلم بما ارتكبه فكان الجاني شرطي نفسه. روى ان رجلا أتى النبي فقال هلكت يا رسول الله! فقال ما أهلكك؟ قال أصبت امرأتي في نهار رمضان قال: هل تجد ما تعتق رقبة؟ ومن أجل ذلك كان واجب الحاكم سهلا هينا، غير إن طبيعة البشر الطغيان، والظلم من شيم النفوس، والنفس أمارة بالسوء، فوجب الردع والزجر استئصالا للفساد وتثبيتا للإصلاح. ولذلك قال جل شأنه: (إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادا أن يقتلوا أو يصلبوا أو

<<  <  ج:
ص:  >  >>