للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

من الأدب الحديث الذي برع فيه ناشئة الأدب في البلاد العربية وتحرروا فيه قيود الماضي وانطلقوا يكتبون في أجواء حرة وأساليب حديثة. لم يكن الكرملي أديبا خلاقا أو باحثا مبدعا، ولم يترك له أثر في الحياة الفكرية فيه هذا اللون المشرق الذي يغذي العواطف ويهز القلوب، ويفتح كوى مشرقة فيها أضواء وأخيلة وأنداء وجنائن مسحورة يعبق جوها بالأماني والأحلام تترك الشعور يخلق في متاهات بعيدة وأبعاد مجهولة فيها أمواج من النعيم وسحر غريب له لذة وفيه نشوة، كما نشاهد في أدب الزيات وطه حسين والحكيم وغيرهم من أساتذة اللغة والبيان.

إن عبقرية الكرملي وإشراق ذهنه في اللغة العربية وتاريخها ودراسته المتصلة للغات القديمة والحديثة ونشاطه المعروف في التتبع والبحث والتأليف لو أضاف إلى كل ذلك إشراق العبارة وذهنية تشرك عقلها وقلبها فيما تنتج وتفكر لعد من العباقرة الخالدين في الأدب العربي. ولكن هذا التحنيط والجمود في أسلوبه قلل من أثره في الحياة الفكرية وجعله أشبه بمعجم لا يراجع إلا عند الحاجة إليه.

إن اسم (الكرملي) سيخلد في مجامع الشرق والغرب كعلم من أعلام اللغة والدين والفلسفة خدم بتتبعه لغة العرب وترك فيها آثار عديدة ونور عقولا وأذهانا، وكان فخر أمته، وعقلا عبقريا من عقولها في الخارج.

بغداد

مهدي القزاز

<<  <  ج:
ص:  >  >>