وقد علمنا أن اللجنة الثقافية في الجامعة العربية قد عهدت إلى مندوب العراق في الجامعة إبلاغ الحكومة العراقية رجاء اللجنة في أن تقتني الحكومة مكتبة المرحوم الكرملي قبل أن تضيع وتتبعثر.
أدب الكرملي:
نشأ الكرملي نشأة دينية وتثقف ثقافة فلسفية، وعكف على دراسة اللغة العربية واللغات الأخرى وانصرف لبحوث التاريخ. وبرع في علوم اللاهوت واشتغل أكثر سنوات عمره بتأليف الكتب التاريخية والفلسفية والدينية. وكان رائدا من رواد اللغة العربية وتاريخها. ولذا تجلت عبقريته في هذا اللون من الأدب وحده.
وكان حافظا وراويا من الطراز الأول لكثرة ما قرأ من الكتب وطالع من الأسفار وتتبع من الحوادث. كان الفقيد يعقد مجلسا أدبيا بداره في (دير الكرملين) في يوم الجمعة من كل أسبوع، وكان يختلف إلى هذا المجلس صفوة مختارة من الشعراء والأدباء والمؤرخين والصحفيين وبعض الأستاذة والطلاب. تختلف أذواقهم ومشاربهم. ولكن تجمعهم رابطة الأدب واللغة وحب البحث والجدل وتذوق هذا الألوان الفكرية التي كانت تدور في هذا المجلس الذي كان دائما يعمر بالرواد فيبحثون في قضايا الأدب والنقد والشعر ويثيرون بعض المسائل الفكرية التي تتخذ في النهاية شكلا من أشكال الجدل يطلع منه المرء على تيارات مختلفة من الأفكار والمنازع والأهواء.
وكان الكرملي يشترك في جميع المباحثات والمناقشات الفكرية التي تدور في مجلسه ويديرها، وإذا لزم الأمر يبرز ما لديه من المراجع والمستندات والوثائق التي تزدحم بها مكتبته العامرة في مختلف اللغات واللهجات للبرهنة على وجهة نظره وتأييد فكرته
وكنت من الذين يحضرون مجالس الكرملي الأدبية هذه ويشتركون في بعض المناقشات التي تثار في قضايا الأدب والفكر فكان لا يرضيني هذا التزمت في الأدب الذي تفرضه أبحاث العلامة الكرملي ومناقشاته، فقد كان يحاول دائما أن يضع للأدب مقاييس وقيودا وحدودا لا يتعداها ولا يرى في الانطلاق والتحرر إلا خروجا وخطا جريمة. . . وكان تفكيره الرتيب الذي جاء نتيجة دراساته الجافة لا يسمح له بالتجول إلا في آفاق محدودة ودوائر خاصة لا يتعداها ولا يسمح لنفسه بالخروج منها. ولذا كان لا يستسيغ هذا اللون