للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

عاما من قصة ذلك الغصن!

وحدثهم نيقولا حديثا آخر أبهج نفوسهم الصغيرة وملاها شوقا وتطلعا وذلك إنه سيقودهم إلى تل ما وسيبلغ بهم قمته، فإذا بلغوها وطلبت نفوسهم أي شئ فلا يلبثون دون أن يكون بين ايديهم، ولكنهم لن يقودهم إلى ذلك التل إلا أن يجيبوا إلى ما يطلب إليهم أداؤه، فعلى كل منهم أن يقف في ركن فلا يتجه ذهنهم لحظة إلى دب أبيض عي عليهم أنلايخطر ببالهم هذا الدب، وعليه أن يمشي مستقيما على شق بين الألواح الخشبية فلا يميل، ثم عليه أن يمتنع عاما كاملاً عن رؤية أرنب حي أو ميت أو معد للمائدة، ومن أخذ نفسه منهم بهذه الشروط فليقسم أن تظل سراً لا يفشيه إلى أحد.

وكم أتجه ليو بخياله ووجدانه إلى ذلك الغصن الأخضر يود أن يعلم ما نقش عليه من سحر، وإلى ذلك التل العجيب يتوق أن يبلغ قمته، وما علمه أخوه إلا أخوة النمل وإلا تلك الشروط التي لابد من أداءها لمن يطمع أن يبلغ قمة التل. . .

ويتطلع ليو إلى سيرجي يريد أن يكون مثله، تحدثه نفسه إذا قارن بينه وبين نيقولا إنه يفضل أن تكون له وجهة سيرجي ولو أنه معجب بأقاصيص نيقولا وسحره ونكاته؛ وهو مولع بتقليد سيرجي فيما يعمل، ولكنه يألم ألا يستطيع أن تكون له مثل وجاهته فلم يجدي في ذلك تقليد، وكان وجاهة أخيه أحب صفاته إليه فما أشقاه أن تكون هي الصفة التي تستعصي عليه؛ وإنه مهما حاكاه في الغناء واللهو والاعتداد بالنفس فلن يزال يشعر بعدم الرضا ان لم يكن له ما لأخيه من حسن السمة وجمال الطلعة؛ وثمة شيء أخر لا يستطيع ليو ان يحاكى فيه أخاه، وذلك عدم مبالات سيرجي بما عسى أن يقول الناس عنه، فهو لم يكن يوماً معنياً بنفسه وإنما يسير على سجيته لا يشغل باله بالتفكير في ذاته، وقد خلق ليو على نقيض أخي فهو بنفسه معني منذ صغره، عظيم الاهتمام بآراء الناس عنه، شديد الإحساس بذاته، كثير الانطواء على نفسه، وتلك خلة أتعبته منذ نشأته وستكون منبع كثير من متاعبه في مستقبل الأيام.

(يتبع)

الخفيف

<<  <  ج:
ص:  >  >>