عسى أن يقول عنه القائلون؛ أما ديمتري وهو أقرب الثلاثة إليه سنا فكان يأنس بهدوئه وابتسامته الحلوة وعاطفته الرقيقة. . .
وكانت من أحب الألعاب إليه تلك اللعبة التي ابتكرها نيقولا؛ فقد أسر إليه إنه اهتدى إلى نوع من السحر يستطيع به أن يجعل الناس جميعا على ظهرالأرضأحبابا بعضهم لبعض، وإن سحره هذا منقوش على غصن أخضر دفنه في مكان ما بالقرب من موضع حدده لهم، ثم دعاهم إلى الجلوس معا جنبا إلى جنب في بقعة صغيرة يظللهم سقف واحد كما تفعل النمل لتكون لهم مثل اخوة النمل ومحبة جماعاته، فاقبلوا حيث جلسوا تحت غطاء من القماش وضعوه على بعض الكراسي وتلاصقوا هنا وهناك في تعاطف ومودة وأخذ يحدثهم نيقولا إنه بالحب المشترك المتبادل يستطيع الناس أن يكونوا اخوة وهكذا صارت هذه اللعبة من أحب الألعاب إلى الاخوة، ولكم أن تجتمعوا تحت خوان أو في ركن من الأركان ومثلوا اخوة النمل، وأحدثت اللعبة أثرها في خيال ليو ووجدانه فقبل أن يبلغ السادسة من عمره يستقر في نفسه حلم لذيذ عن عالم جديد يرتبط فيه الناس بعضهم ببعض برباط الحب والمودة حتى يصبحوا بذلك إخوانا. . .
استقر هذا الحلم في نفس الطفل وهو دون السادسة ومازال مستقرا فيها حتى بعد أن جاوز السبعين من عمره فقد كتب إذ ذاك يذكر ذلك الحلم فقال (إن ذلك المثال وهو اخوة النمل وتعلقنا بعضنا ببعض متحابين أبقى قائما في نفسي لا يتغير وإن لم يعد كما كان أمس تحت قماش يظلل كرسيين عاليين فهو اليوم عندي تعلق البشر بعضهم ببعض متحابين تحت غطاء عظيم هو قبة السماء وكما صدقت يومئذ إن هناك عصا صغيرة خضراء نقشت عليها تلك الرسالة التي تمحق الشر كله في نفوس الناس وتهي لهم السعادة العامة فكذلك أعتقد اليوم ان هذه حقيقة ممكنة تنكشف للناس وسوف يمنحهم كشفها كل ما تعدهم به من سعادة).
ولقد أوصى تولستوي فيما بعد أن يدفن حين يموت حيث دفنت تلك العصا الخضراء. في تلك البقعة التي صارت حبيبة إلى قلبي من أجل ذلك الغصن الأخضر الذي أوحى إلى نفسي أن يتحاب الناس جميعا ويتآخوا على نحو ما تنطق به قصة أخيه؛ ولقد دفن فعلا الكاتب العظيم في الموضع الذي عينه أخوه مثوى للغصن الأخضر وذلك بعد ستة وسبعين