للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

سلمنا أن وجود جهل الأمة وسفه الملوك الطامعين في توسيع ممالكهم كان مفيدا في الزمن الماضي، أو يرجى ورائه إحقاق حق وإزهاق باطل فأن بقاء هذه النعرة إلى اليوم ليس فيه إلا محض الضرر وتفكيك عرى الوحدة الإسلامية وقد آن للمسلمين أن ينتبهوا من هذه الغفلة ومن هذا الموت قبل الموت. .)

هذه الصيحة التي هتف بها السيد جمال الدين الأفغاني منذ أكثر من ستين عاما كثيرا ما تداولها الألسن، وتناولتها الأقلام، وهتف بها المشفقون على الوحدة الإسلامية والداعون لجمع كلمة المسلمين، حتى اقتنع السواد الأعظم بضرورة تحقيقها ووجوب العمل على تنفيذها وإني لأذكر إنه لما عقد المؤتمر الإسلامي في القدس عام ١٩٣١ تقدم فضيلة السيد آل كاشف الغطاء وأم وفود المسلمين للصلاة في المسجد فطرب المسلمون في سائر أنحاءالأرضلهذا النبأ ورأوه بشير خير وتمنوا أن تكون هذه بداية القضاء على الفروق المذهبية القائمة. وقد كان من الطبيعي أن يفزع الاستعماريون لهذا، وأن يتساءلوا عن الخطوة التي تكون بعده، ولذلك أخذت الصحف الأجنبية يومذاك تعلق على هذا النبأ بمختلف التأويلات، والتهويلات، وقالت إحداها وهي بسبيل تحذير الاستعمار الأوربي: يظهر إن المسلمين بدءوا يجمعون كلمتهم للقيام بحرب مقدسة ضد العرب من أجل إبقاء فلسطين.

وفي مقام الأنصاف نذكر أن المغفور له الشيخ المراغي طالما ردد الدعوة إلى هذا الغرض، ونادى جهارا للعمل على تلافي تلك الخلافات التي لا مبرر لها، والتي تؤدي إلى الأضرار بالمسلمين بقدر ما تفيد الاستعمار والمستعمرين.

ولعل القراء يذكرون أن (الرسالة) كثيرا ما أهابت بهذا في كل فرصة سانحة ومناسبة داعية، وكثيرا ما باركت أصوات الدعاة لهذا العمل، والحداة للركب أن يسير، ثم كثيرا ما تعجبت للمسلمين أن تظل بينهم هذه الخلافات قائمة وهم الذين يتوجهون جميعا إلى قبلة واحدة، ويأخذون بكتاب واحد هو القرآن ويسيرون بهدى نبي واحد هو محمد صلوات الله عليه، فإذا ما تألفت اليوم لجنة من أكابر الفضلاء والعقلاء للعمل على محو هذه الخلافات وتمحيص الآراء في دائرة الفكر الحر، فإن مما يطرب الرسالة أن تبارك هذا العمل وأن ترجوا التوفيق فيه، كما يطربها ويسرها أن تسهم في ذلك، وأن تفسح في صفحاتها لما

<<  <  ج:
ص:  >  >>