الشيوخ بأنهم وحدهم حراس الفن وأمناء هيكله فهي دعوى مرفوضة شكلاً وموضوعاً، مرفوضة شكلاً لسخافتها الظاهرة وبعدها عن الجد بعد ما بين الأرض والسماء، وهي مرفوضة موضوعاً لأن وسائل النقد هي الذوق والإطلاع وهما متوفران لكثير من أدباء الشباب.
والحق أن من شيوخ الأدب من هو مقدور فوق قدره، ولعل هذا سر فزعه من النقد وجزعه من كل يد تمتد إلى آثاره ولو كانت عاجزة ضعيفة.
على أنني لست أخلي أدباء الشباب من كل تبعة، ففيهم غرور يحمل بعضهم على النزول إلى ميادين لم يعدوا لها العدة ولم يتخذوا الأهبة، ولكن أي ضير على الشيوخ لو قابلوا نزوات الشباب بابتسام الأب البار الحنون الذي يغفر ويتجاوز عن كثير؟
ولقد نشأ عن هذا الموقف الشاذ بين الشيوخ والشبان أن غشى الحياة الأدبية في مصر غشاء من الحقد والرياء في النقد فلا يكاد يظهر مؤلف أدبي حتى يرفعه الأنصار إلى السماء، ويهبط به الخصوم إلى الغبراء بغير حق، فانظر ماذا فعل شيوخ الأدب بديواني الشاعرين المهندس وناجي؛ أوليس فيهما ما يستحق الإعجاب والتقدير؟ بلى، وإني لأترك الكلام هنا للأستاذ المنصف صاحب الرسالة إذ قال: إن ما فيهما من مساوئ هو من ضئال العيوب التي تختفي في بهر الجمال وروعة الصنعة، فالحكم في حياتنا الأدبية الآن للهوى والغرض لا للعقل والعدل، فما علاج هذه الحالة. إنني وإن كنت أرى في تأليف نقابة لأدباء الشباب ما يغري بالصراع والنضال، ولكنني أؤيد الاقتراح كل تأييد على أن يكون الشباب على حسن الظن بهم تسامحاً ونبلاً، فلا يكونوا البادئين بصبغ العيون بلون الدماء - كما يقول الأديب الكبير - فإذا بغى من الشيوخ باغٍ أو عدا عادٍ فليقف منه الشباب موقف المدافع في سبيل إعلاء كلمة الحق، وإقرار العدل في نصابه، ورد الأمور إلى مجراها الطبيعي.
فالنقابة بما تبثه من روح التعاون بين الشباب، وبما تخلقه من قوة الاتحاد في الغاية والغرض، ستزيل كل العقبات المصطنعة من طريقهم، وتبدد هذه السحب التي تراكمت في سماء حياتنا الأدبية، وحبذا لو امتد نشاطها فشمل جميع الأقطار العربية، وضمت بين أعضاءها أدبائها الشبان، فيكونون رسل محبة وسفراء خير.