في مواطن شرب الخمر من الحانات والشوارع التي يكثر فيها تناول الخمور. وهناك أقسام البوليس لا يهدأ لها بال ولا تكاد تخلو كل مساء من عدة حوادث إجرامية منشؤها السكر والعربدة. وهي الأقسام القريبة من بؤر الدعارة ومحال الخمور.
ومن أجل ذلك حاولت بعض الدول الكبرى تحريم الخمر في داخل أراضيها كأمريكا، وحرمت بعضها تناولها في أوقات معينة وهى ترمي إلى تقليل ضررها الجسمي والاجتماعي ما أمكن ذلك.
وبعد: فقد علم الله العليم الحكيم ما في الخمر من ضرر جسيم وبلاء عظيم فحرمها الإسلام الحنيف وأوجب عقاب شاربيها.
ويلاحظ أن العقوبة التي وضعت لهذا الجرم فيها إيذاء مادي للبدن. كما أن فيها إيلاماً وامتهاناً للنفس يتناسب مع امتهان الشارب لنفسه وحقارتها لسكره وعربدته حتى تكون زاجرة رادعة له ولغيره من العابثين المستهترين وهنا يستقر النظام ويستتب الأمن.
ثمانون جلدة: عقاب فيه بساطة التشريع وبساطة التنفيذ جريا على عادة البساطة في الشريعة الإسلامية السمحة والإسلام دين الفطرة، ولكن الإسلام مبالغة في الكرامة الإنسانية وإرادة للستر وتخفيفاً على العباد اشترط أن يؤخذ الشارب ورائحة الخمر في فمه.
فأوجب لثبوت الجريمة أن تكون مادتها موجودة وهي رائحة الخمر إلا إذا ذهبت الرائحة لبعد المسافة وطول الوقت، واشترط لذلك أن يشهد على الشارب اثنان تتوفر فيهما العدالة وعدم التجريح وتنتفي التهمة معها العقوبة بأية شبهة يظنها القضاء كأن يثبت أن المتهم شربها للعلاج مثلاً.
ولو رجع في إقراره بعد أن اقر بالشرب لا يحد، وكذلك لو شهد الشاهدان ولا رائحة للخمر في فمه.
فلّله ما أسمى هذا التشريع وما أعدله وما أبعد أثره في تقويم النفوس وتهذيب الأخلاق وسعادة المجتمع.
إن هذا التشريع هو ما يتطلبه المجتمع اليوم للقضاء على ما فيه من شرور وجرائم ليستريح الناس ويتطهر العالم مما علق به من رجس وآثام ويسير مطمئناً إلى حياة الاستقرار والسعادة والنور والسلام. (كتاب أنزلناه إليك لتخرج الناس من الظلمات إلى