الأمر. والأصل في ذلك قوله تعالى في سورة النساء (وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكماً من أهلها أن يريد إصلاحاً يوفق الله بينهما) فالذي يظهر من لفظ الآية إيجاب التحكيم على أولي الأمر إذا رفع إليهم نزاع بين زوجين أو هو إيجاب للتحكيم على من بلغه الأمر من الحاكم أو جماعة المسلمين، فإن الخطاب في قوله (وإن خفتم) للمسلمين سواء كانوا أولي أمر أو غيرهم وذلك لأن الزوجين قد ارتبطا برباط عقد الزواج ووحد بينهما من الصلة ما يهتم بالحرص عليه ووجد بين أهلهما من وشائج القرابة بالمصاهرة ما لا يصح التساهل في توهينه وتقطع ما اتصل به، ولهذا أمر الله تعالى عباده متى أحسوا بشقاق بين الزوجين وهو النزاع الشديد أن يختاروا من أهل الزوجين حكمين حكما من أهل الزوج يرضاه وحكما من أهل الزوجة وحكما من أهل الزوجة ترضاه ليبحث كل مع صاحبه ويقف على أسباب النزاع وما عساه يكون من أسرار لا يقف عليها القاضي ولا أعوانه، وعلى الحكمين أن يبذلا ما في وسعهما للتوفيق بين الزوجين المتنازعين وإلزام كل منهما بما يريانه لازماً في صلاح العشرة بينهما وحاسماً للنزاع فيما يستقبل من أمرهما فإذا لم يجدا سبيلاً إلى الوفاق بعد بذل ما في طاقتهما فلهما أن يقضيا بالطلاق في بعض المذاهب على طريقة معينه إذا رأيا المصلحة فيه، وبعض المذاهب لا يعطيهما الحق بل ينتهي عملهما بالعجز عن التوفيق بين الزوجين. وعلى كل حال فإيجاب التحكيم في أمر الزوجين معقول فإن ما يقع بينهما لو لم يصلح بنحو هذه الطريقة أفضى إلى فساد في البيوت بين الأولاد والأقارب، ومثل هذا الفساد مما يسرى وينتشر حتى يؤذي الأمة بتمامها في صلاتها بعضها مع بعض كما شوهد ذلك عند إهمال هذا الحكم الجليل من زمن طويل كأنه لم يرد في التنزيل. فإذا كان ذلك الكاتب الفرنسي يعني هذا الأصل ويشير إليه ويريد أن يقتبس به ما يقع بين العملة فذلك رأيه وحده والسلام.