من يخلفهما في هذا السبيل، لأن علماءنا - أعزهم الله - على اختلاف ألوانهم ودرجاتهم يؤثرون الوصول والمثالة من أقرب طريق.
وعجيب أي عجيب أننا لا نزال فيما نحقق من تاريخنا وآدابنا عالة على المستشرقين فيما ينقلون من آثارنا ومخطوطاتنا التي هي في خزائنهم، وعجيب أي عجيب أن تكون عندنا الجامعة الأزهرية العتيقة، وجامعة فؤاد الأول، وجامعة فاروق الأول، ودار الكتب المصرية والمجمع اللغوي، ثم ما شئت من هيئات ثقافية كثيرة، حكومية وغير حكومية، ولم تستطع هذه كلها مجتمعة أو متفرقة أن تنهض بعمل جدي في هذه الناحية، ولم تفكر كلها أو واحدة منها في إرسال بعثة بشأن هذا التراث المنهوب.
إنني على يقين من أن بعث تلك المخطوطات النادرة سيصحح كثيراً من مسائلنا التاريخية والأدبية، وإنني على يقين من أن إحياء هذا التراث الخالد سينصفنا أمام أنفسنا وأمام الأمم الأخرى، فلعل الجامعة العربية تسدي في ذلك ما فات غيرها، وتنهض بما هو واجب عليها ومنوط بها، ولعلنا نلمس لهلل قريباً في هذا العمل الجهد المشكور.
تأبين الأمير شكيب:
بعد ظهر يوم الجمعة الثامن من هذا الشهر أقيمت حفلة تأبين كبرى بدار الأوبرا الملكية لفقيد العروبة المغفور له الأمير شكيب أرسلان اشترك فيها لفيف من الرجالات البارزين في الأقطار العربية وأعلام الأدب والصحافة، وحضرها كثيرون من الوزراء والكبراء وأهل الفضل، ولقد جاءت هذه الحفلة عنواناً للأسى الذي شمل جميع أبناء العروبة على فقد ذلك المجاهد العظيم، كما جاءت مظهرا من مظاهر الوفاء والتقدير للرجال العاملين، وإنا - من الوفاء للحق - لنشيد في ذلك بصنيع الرجل العظيم سعادة محمد علي علوية باشا، لأنه هو الذي نهض بأداء هذا الواجب عن مصر، وجاهد لإقامة هذا الحفل براً بذكرى رجل وهب حياته للنضال عن الشرق والإسلام.
وتعاقب الخطباء والشعراء في تأبين الفقيد. فألقى سعادة علوية باشا رئيس هيئة الاحتفال كلمة ضافية أشاد فيها بمواقف الفقيد في الجهاد للحق، والكفاح في سبيل العروبة، والنضال عن حقوق العرب في الحرية والاستقلال والكرامة.
وخطب معالي إبراهيم دسوقي أباظة باشا فقال: (لقد كان الأمير شكيب أرسلان الديدبان