للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

والحارس على الأقطار العربية، فكان المراكشي إذا هددت مراكش، والتونسي إذا نزل الضيم بتونس، والمصري إذا روعت مصر بحادث، والعراقي، والسوري، واللبناني، واليمني إذا اعتدي على بلد من هذه البلاد أو نشبت فيها أظافر الاستعمار وبراثن الاستبداد. ولقد خلا العرين من هذا الأسد الهصور، لكنه خلا بعد أن نشر تعاليمه السامية في كل مكان، وبعد أن أعطى من نفسه القدوة الحسنة في الوطنية والتضحية والإقدام. . .)

وخطب الشيخ سامي الخوري وزير لبنان المفوض في مصر خطبة استهلها بقول الفقيد:

فما العيش إلا أن نموت أعزة ... وما الموت إلا أن نعيش ونسلما

ثم قال: لقد كانت حياة الفقيد جهاداً مستمراً في سبيل بلاده وهو عنها بعيد، ولقد بقي على رغم البعد هدى للأوطان العربية جميعا؛ تستنير بشعلة ذكائه الوقاد، وتهتدي بنور حكمته الرصينة، ثم دهمه الموت بعد أن عاد إلى بلده خافق القلب، إذ لقيه حراً طليقاً من كل قيد. . .

وألقيت في الحفلة كذلك عدة كلمات لممثلي الحكومات والهيئات العربية، وكلها تتوارد على الإشادة بمواقف الفقيد، وتصور مدى الفجيعة الشاملة بموته، والخسارة الكبيرة بفقده. على أنها مما يجري عادة في مثل هذه المناسبة، وليست مما يؤثر للتسجيل الأدبي.

وجاء دور الشعر؛ فألقيت قصيدة لشعار القطرين خليل بك مطران، وقد كنت أنتظر من مطران في هذا الموقف شيئاً كبيراً كثيراً، فإني أقدر وفاءه لإخوانه، وأعرف صلته بالفقيد، ولكن مطران اعتذر بحق اعتذاراً موجعاً أليماً إذ قال:

أبغي الرثاء فيبرق خاطري ... حزناً، ولكن أين صوب غمام؟!

لم يبق لي شعر ولا نثر وقد ... أخنى عليّ تقادم الأعوام. . .

فكان اعتذاره هذا أبلغ وأوجع من أي إفاضة في الرثاء.

ثم ألقى الشاعر علي محمود طه قصيدة قوية الأسر، ابتدأها بتصوير الفجيعة بموت الأمير فقال:

رزء العروبة فيك والإسلام ... رزء النهى وفجيعة الأقلام

هو مأتم الأحرار في متوثب ... بصفوفهم مستبسل مقدام

ثم أخذ في تصوير حياة الفقيد فقال:

<<  <  ج:
ص:  >  >>