إن الفكرة السليمة قوامها الأسلوب السليم، وإن الكاتب الذي لا يستطيع أن يصحح ما يكتب لا يستطيع كذلك أن يصحح ما يقرأ، ومعنى ذلك أنه يقرأ على غير فهم ووعي.
ولكني اعرف كثيرا من ناشئة هذا العصر، وكتاب هذه الأيام قاصرين عن تصحيح لغتهم وتقويم أسلوبهم، وأني لأعرف كتابا بيننا يملئون الدنيا بأسمائهم ويتصدون للنقد والمناقشة وهم حين يجلسون لإراقة المداد على الورق لا يعرفون مصادر الكلام من موارده، فيتركون هذا لأناس يستخدمون أشخاصا على أجر معلوم لهذا الغرض، وعندهم أن هذا ليس بعاب، بل انهم ليحسبون التمسك باللغة عنجهية وتقعرا لا يليق بمفكري هذه الأيام
وأنا والله لست أدري ماذا يكون ذلك الكاتب إذا فقد أول شرط للكتابة، وأي شيء يبلغ من الأدب إذا لم تكن لديه أداة الأدب، وهل يجدي هؤلاء شيئا ما يتشدقون به من انهم يحذقون لغة أو لغتين أجنبيتين على حين يجهلون اللغة التي يكتبون بها وينتسبون إليها؟!
ولكنها بدعة أعجمية، خلقها العجز وبررها القصور عند هؤلاء، وإنهم لكتاب من غير أقلام، وإن حسبوا أنفسهم من الأعلام.