الطبيعية التي يتجلى فيها صفاء الروح وجمال الكائنات، ويظهر أن الفلسفة الهندية الفياضة بالنزعات الروحية قد استهوته فعكف على دراستها منذ سنوات، وهو لا يزال يجد في هذه الدراسة لإخراج سفر شامل في هذه الناحية التي لا تزال معماة على أبناء العربية.
والمعروف أن الفلسفة الهندية القديمة كانت عنصرا من العناصر التي استمدت منها الثقافة العربية بالترجمة والنقل أيام العباسيين، ففي البلاغة وفي الفلسفة وفي علوم الفلك والجبر والحساب نجد نصوصا منقولة عن أصول هندية، ونحن نقرأ هذه النصوص قراءة عابرة لأننا نجهل مصادرها ومراميها، ولا نزال إلى اليوم في كل ما نعرف من معارف الهند القديمة عالة على المستشرقين، وإنها في الواقع لإحدى العجائب، إذ يتيسر لأجدادنا العرب بدافع نهمهم إلى المعرفة نقل المعارف الهندية والانتفاع بها والوقوف عليها، ونحن لا نزال نجهل تلك المعارف جهلا مطبقا مع أن صلتنا بالهند قد توثقت، ومعارفنا قد اتسعت وسبل الانتقال والبحث قد تيسرت.
إن الأستاذ وديع البستاني بعمله هذا يؤدي خدمة جليلة للعربية، وإنها لفاتحة خير بدأها الأستاذ عبده حسن الزيات بكتابه الذي أخرجه حديثا وموضوعه (حكايات من الهند)، وإنا لنرجو أن يرود أبناء العروبة هذه الناحية على أوسع ما يكون، فان الثقافة الشرقية قوامها روح واحدة، ووجهتها غاية واحدة، وقد أصبح من الخطأ استقلال أمة بمعارفها، فكيف والهند ليست غريبة عنا. .
كتاب من غير أقلام:
تناولت عدداً حمله البريد أخيراً من مجلة سورية خصصت صفحاتها للأدب والمباحث الثقافية، وفي عنوانها إنها (صورة الفكر المعاصر)، فوقعت في صفحاته الأولى على مقال بعنوان (الأديب من أين يبدأ)، فتغاضيت عما في العنوان من خطأ شائع درج عليه كثير من الأدباء المعاصرين، إذ يؤخرون اسم الاستفهام وان كانت اللغة تقضي له بالصدارة، وأخذت أقرأ ما تحت العنوان فقرأت في السطر الأول (أني بالأدب مشغوف) وفي السطر الثاني (وكيف عرفت أن ميولك منصرفة إلى هذا المنصرف) وهكذا أخذت أنتقل من سطر إلى سطر، وأنا أنتقل من خطأ إلى خطأ حتى ضاقت نفسي وألقيت بالمجلة من يدي ولم استطع أن أستوعب من المقال اكثر من خمسة اسطر!!