المصري يصح أن يكون ذخيرة أو خميره لبناء صداقه عربيه فرنسيه تخدم الحضارة وتكون عاملاً من عوامل الاستقرار والتفاهم والتوازن في البحر الأبيض المتوسط الذي يحتل العرب الجزء الأكبر منه. فعلى فرنسا إن كانت تريد عملاً لا كلاماً أمور هامة نرشدها إليها لأننا أعرف من فرنسا بما يفتح قلوبنا لها:
عليها أن تتغير أولا نظرتها (الصليبية) بالنسبة للعرب والمسلمين التي حملتها على احتقار المغاربة والعرب عموماً والتنكيل بهم، وأن تتحرر من ذلك التوجيه الحاقد الذي يستمد حقده من تلك الظلال والأشباح السوداء التي كان يثيرها المثيرون المتعصبون في القرون الوسطى على العرب ويجعلونهم أمام الجماهير حلفاء الشيطان ويتخذونهم وسيله لأثارة ذلك الشعور الذي كان يسمى (الحقد المقدس)!
ولتعلم فرنسا وخصوصاً مفكريها الذين تجندهم للدعايه، أن نظر العالم لم يعد يطيق ذلك اللون السخيف الذي يبدو في محاولات المستعمرين الفرنسيين في شمال أفريقية لفتنة البربر والعرب المسلمين عن دينهم، وضرب الحصار على أبنائهم ليحال بينهم وبين التعرف على قوميتهم ولغتهم إلى صحبتهم منذ فجر التاريخ.
إن هذا منكر غليظ ورجعيه عمياء لا تريد أن ترى طبائع الأشياء وتحاول فصل ما ربطته مشيئة الله التي نوعت الناس أجناساً ولغات لأمر عظيم على جانب من الخطر في عالم الفكر وعالم العمل!
وعلى فرنسا أن ترفع يدها عن ضرب ذلك السور الحديدي حول تونس والجزائر ومراكش، ذلك السور الذي لا يسمح لداخل غريب أن يدخل ولا لخارج أن يخرج ولا يسمح لعيون الناس أن يروا آثار حكمها السعيد! في حياة هؤلاء الأرقاء التعساء الذين ابتلوا بأن يعيشوا في أوطانهم كأنها سجون، الداخل فيها مفقود والخارج منها مولود؛ فإن هذا أعجوبة الأعاجيب في القرن العشرين، حتى ولو كانت هذه البلاد مستقلة استقلالا تاماً ومحكومة ذلك الحكم بأيدي فريق من أبنائها لكان ذلك النوع من ضرب الحصار الحديدي عليها أسلوباً عجيباً في هذا العصر!
وعلى فرنسا أن تقلع عن سياسة الإفقار والتجهيل التي تفرض بها البؤس والجهل على سكان هذه البلاد وتعزلهم بذلك عن حياة العالم وتفنيهم الفناء الأكبر بحرمانهم من وسائل