وإنها لرسالة لك في فرنسا إذا أردت: أن تعود إليها رسول آلامنا من اجل بني قومنا المثخنين بجراح بني قومك! وقد أرسلتك إلينا (السياسة) التي لا قلب لها لشأن من شئونها الخادعة، فارفض أيها الكاتب ان تخدع. وعد إليها رسول الآلام الإنسانية التي عانت فرنسا مرارتها وحرارتها فترات مظلمة من الزمان البعيد قبل الثورة التي حولت مرارتها حلاوة وحرارتها نداوه، وفترة مظلمة من الزمان القريب الذي لا يزال وقع الحذاء الألماني فيه على أرض فرنسا يصخُّ آذان أحرارها!
يا مسيو ديهامل! أيها الأديب الكبير إننا هنا في الشرق ندعو أن يثور المفكرون عل الواقع السيئ الذي يسيطر عليه العوام وان تحرر الرءوس من سلطان الأقدام، والجامعات من منطق الشوارع. . لأننا نرى في هذه المدينة الحالية مدنيه الحرية والعلم نبوه شيوعية من لم يؤمن بها فقد صبأ عن الإنسانية، ومن سخرها بغير أهلية لها فقد الحد فيها، مع أننا لا نزال في دور فتح العيون على فجرها ولم نأخذ منها ما أخذتم معشر الغربيين، وليست منسوبة إلينا، بل تنسبونها أنتم إليكم. فلماذا لا تدافعون عن سمعتها وعن حقائقها دفاع أنبياء إسرائيل الشرقيين القدماء عن حقائق الأيمان والنبوات الأولى؟ لماذا لا تذوقونها بأرواحكم وقلوبكم بدل ذواقها بجيوبكم وخزائنكم؟! لماذا تجعلون رسلها إلى بلاد المتخلفين هم من السماسرة والمتغطرسين والحاقدين والمتعالين؟
إن اللوم في ذلك واقع على أرباب الفكر الذين يرون هذا ولا ينكرونه، ويرضون لأقلامهم وألسنتهم أن تسخر وراء القطيع الذي لم يدرك أمانة الفكر وحراسة شعلة الحضارة في الروح قبل الجسد.
وما أظنك ترضى لو علمت أن أربعين ألفاً من العرب الجزائريين قتلوا في (سطيف) بالجزائر، لأنهم طالبوا بحريتهم في أيام الاحتفالات بعيد النصر سنة ١٩٤٥؟
إن صراخ دم هؤلاء الضحايا يجب ان يؤرق نومك ويمد قلمك بمداد من نار لتثأر من قتلة هؤلاء الأحرار الذين طالبو بالحرية التي يمجدها قلمك وأقلام أخواتك وإلا كنت غير مخلص لرسالة الفكر
وما أظنك أن يعيش خمسة وعشرون مليوناً من النفوس محرومين من عصارة فكرك وفكر أمثالك ومعارف الدنيا لأجل أن يكونوا سوائم بلهاء تحرث أرضها وتحلب ضرعها لتستولي