العقليين وهو بدعى هادم للشريعة لا يقول به إلا من يريد أن يأتي على الإسلام من قواعده، وأنت بحمد الله من بناته وحفظته الأقوياء المخلصين.
هذا وإني مرسل رسالتي إلى معاليك ولك أن تحتفظ بها أو أن تنشرها بنصها وفصها تنبيها إلى أمر خطير لا يصح إهماله وإغفاله، وإني معتقد اعتقادا جازما بأن من يكتب مثل (الرسالة الخالدة) ويسمو هذا السمو في الدعوة إلى إقامة نظام عالمي جديد أساسه الدعوة المحمدية في مختلف الشؤون الإنسانية، لا يعنيه فيما يكتب ويدعو إليه إلا الحق، ولا يعيش في دنياه إلا لأخرته. بارك الله لك في مساعيك، ورعاك بعنايته ورضاه، والسلام عليك ورحمة الله وبركاته من أخيك المخلص الأمين:
محمد بهجة الأثري
عزيزي الأستاذ الكبير السيد محمد بهجة الأثري:
السلام عليكم ورحمة الله وبعد. فقد تلقيت كتابكم الكريم، وأشكر لكم تقديركم (للرسالة الخالدة) وجميل ثنائكم ونقدكم الخالص لوجه الله والإسلام والصداقة، ذلك النقد الذي أقدره كل التقدير وأعلم ما فيه من غيرة مشكورة على الكتاب والكاتب.
وإني حين ذكرت قصة تصرف عمر رضي الله عنه في أرض السواد تصرفا جديدا لم يسبق إليه، لم أرد ما تبادر إلى فهمك من أني ضربته مثلا لترك النص القرآني بناء على مذهب التحسين والتقبيح العقليين وتحكيمه في دين الله، وإنما أردت أن أعرض مثلا من اجتهاد الإمام في فهم النصوص وعدم وقوفه عند ظاهرها ما دام أمامه طرق لفهم جديد معلل بمصلحة عامة فيها نفع محقق للدولة والأمة، وذلك لأضع أمام الغرباء عن فهم حقيقة الشريعة الإسلامية مثلا من مرونتها واتساع مدى الرأي والتعليل فيها وصلاحيتها أساسا للتشريع في الفرعيات التي تحدث وتتجدد بتجدد الأزمنة والأقضية وألوان حياة الناس، حتى لا يستمر انسياق كثير من الناس فيما انساقوا إليه من توهم وقوف الشريعة الإسلامية لا تتكيف ولا تتسع للتطبيق المعقول.
وإن الرواية التي ذكرتها أنا في المسألة نقلا عن كتاب التشريع الإسلامي للمرحوم الشيخ الخضري قد ذكرت الجانب التاريخي والجدل العقلي بين عمر ومخالفيه فيما رأى من