من المساترة أو (هر) أو (سنيور) من السنانير والهررة، وأن يعلم أنه هو صاحب البلد، وهؤلاء بين غاصب أو لص أو (شحاذ)، وله هو مقعد الدرجة الأولى في الترام، وله الغرفة الأولى في الفندق، والمائدة الأولى في المطعم، وأنه حينما يقنع بالأقل ويتوارى ويبتعد، ويدع الأجنبي يملك الأرض، والعمارات، والمتاجر، يكون مجرماً كالجندي الذي ينهزم بالمعركة.
وملاك الأمر كله، أن نعلم أننا أساتذة الدنيا، ونحن سادتها عززنا بقرآننا وديننا، ولا يزال القرآن مبعث عز لنا، فلنعد إليه ولنجعله إمامنا في حياتنا، ومعقد فخارنا، ولندع الدنيا إلى أتباعه لأنه لا فلاح لها إلا به.
إننا اليوم أضعف من الغربيين في القوى المادية، فلم يبق لنا إلا القوى الروحية: قوة الإيمان وقوة الأخلاق، وقوة العفاف فلنحافظ عليها، ولنحارب الإلحاد والنفاق والفجور، لأنها عون للعدو علينا، وسلاح له يعمل فينا، وأن نجرد للعدو جندا اخرجوا حبه من قلوبهم، وضلالاتهم من رؤؤسهم، وعاداته من بيوتهم، وأبغضوه بغضا بلغ الشغاف، وخالط الدم، وسرى في الأعضاء وظهر في الأفعال. جنداً صدورهم حافلة بالإيمان، عامرة باليقين، يثقون بماضيهم وأنهم يستمدون منه الظفر: من ألف معركة منصورة كانوا أبطالها ومن ألف سنة مباركة كانوا ملوك الأرض فيها، ويثقون بحاضرهم وأن دمائهم، ما أضاعت هذا الإرث، ورؤؤسهم ما فقدت هذه الذكريات، ونفوسهم ما خسرت ذلك الشمم وتلك الفضائل، ويثقون بمستقبلهم وأنهم سيملكون الأرض مره أخرى وسيعودون ملوكها. جنداً: شباباً هم في الحكمة كالشيوخ، لم تسترقهن الشهوات، ولم تستعبدهم الملذات، ولم تلعب بهم الصبايا، وشيوخاً هم في العزيمة كالشباب، لم تفتنهم المناصب، ولم يطغهم الغنى، ولم يسر في أعصابهم الخور. . .
بهذا الجيش فلنجاهد، جهاداً متصلا مستمراً، لايني ولا يقف حتى يهدم قلاع العدو كلها، ظاهرها ومضمرها، وواضحها وخفيها.
إن الجهاد إن لم يبدأ من البيت والمدرسة والجريدة، فلا يمكن أن ينتهي إلى الساحة الحمراء، فإذا أردتم أن تبلغوا نهاية الطريق فامشوا من أوله، وإن شئتم أن تصلوا إلى أعلى السلم فابدءوا من أسفله، فإن من يمشي من آخر الطريق يرجع إلى الوراء، ومن