للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

المحلية. وكلما اقتربنا من عصرنا الحالي نجدها تقترب من اللغة الفرنسية الحديثة بحيث نستطيع أن نتتبع تطور هذه اللغة التدريجي وتحولها شيئاً فشيئاً من اللغة اللاتينية التي اشتقت منها مع امتزاجها بشيء من اللغات المحلية الأصلية. وهكذا الحال بالنسبة للإسبانية وباقي اللغات المتسلسلة من اللاتينية. بل ولسائر اللغات الأخرى.

واللغات اللاتينية واليونانية القديمة (التي اشتقت منها اليونانية الحديثة) والجرمانية القديمة (التي تسلسلت منها الألمانية الحديثة وبعض لغات أوربا الوسطى والشمالية بل واللغة الإنكليزية نفسها)، ومعظم لغات أوربا الأصلية متسلسلة بدورها من لغة هندية قديمة وهي النسكريتية. وجميع هذه اللغات الهندية الأوربية تكتب من اليسار إلى اليمين خلافاً للغات السامية مثلا (التي منها العربية) فإنها تكتب من اليمين إلى اليسار عدا الأرقام لأنها من أصل هندي.

وما يقال عن اللغات الأوربية يقال عن اللغات الشرقية وغيرها. فمنذ ثلاثة آلاف سنه تقريباً لم تكن اللغة العربية ولا العبرية الحديثة ولا الحبشية ولا أخواتها الحالية قد وجدت. فكيف نشأت؟ إنها نشأت وتطورت جرياً على نفس النواميس الطبيعية المتقدم بيانها بفعل العوامل الاجتماعية والسياسية والتاريخية والطبيعية. فاللغة أو اللغات الأصلية القديمة اصطلح على تسميتها بالسامية تطورت تطوراً مختلفاً باختلاف الأقاليم والبيئات التي انتشرت فيها إلى أن تحولت إلى العربية القديمة، والعبرية القديمة والمصرية القديمة (التي اشتقت منها القبطية واستبدلت كتابه حروفها باليونانية)، والحبشية، والحميرية، والكلدانية أو البابلية، وغيرها. وقد استمرت عوامل التطور تعمل في هذه اللغات الأخيرة إلى أن تحولت شيئاً فشيئاً إلى اللغات الحديثة المعروفة. وسأعود في آخر هذا المقال إلى تطور اللغة العربية في مختلف البلاد الشرقية.

وكذلك الحال بالنسبة لمجموعة اللغات الطورانية القديمة والحديثة، (التي منها اللغة التركية ولغات آسيا الوسطى) وغيرها من اللغات الأخرى.

وكما أنه توجد في أنواع النباتات والحيوانات القديمة والحديثة وفي الإنسان أعضاء أثرية لا وظيفة لها إطلاقاً بدليل أنه يمكن استئصالها دون أن يصاب الفرد الذي تجرى له هذه العملية بأي ضرر أو نقص في حيويته، لأنها في الواقع آثار أعضاء قديمة كانت مستعملة

<<  <  ج:
ص:  >  >>