أما الكرح بالكسر فبيت الراهب، ويكون أصغر من القلية، يسكن فيه الراهب إذا قعدت به الحال ولم يستطع الحصول على قلية. وجمع الكرح أكراح، ويجيء جمعه أيضاً على صيغه التصغير اكيراح. قال ابن منظور في اللسان ج ٣ ص ٤٠٥ هي بيوت للرهبان يخرج إليها النصارى في بعض أعيادهم. ومعنى هذه اللفظة اليونانية الكوخ الصغير.
وأشهر المواضع التي عرفت بالأكيراح هو دير حنة بالحيرة الذي وصفه أبو نؤاس في موضعين، قال:
دع البساتين من ورد وتفاح ... واعدل هديت إلى ذات الأكيراح
اعدل إلى نفر دقت شخوصهم ... من العبادة إلا نضو أشباح
يكرورن نواقيساً مرجعة ... على الزبور بامساء واصباح
تنأى بسمعك عن صوت تكرهه ... فلست تسمع فيه صوت فلاح
إلا الدراسة للإنجيل في كتب ... ذكر المسيح بإبلاج وإفصاح
يا طيبه وعتيق الراح تحفتهم ... بكل نوع من الطاسات رحراح
يسقيكها مدمج الخصرين ذو هيف ... أخو مدارع صوف فوق أمساح
ويصف في موضع آخر من شعره رهبانه ورواهبه، وكيف أصبحوا أنضاءً من العبادة:
يا دير حنة من ذات الأكيراح ... منن يصح عنك فإني لست بالصاح
رأيت فيك ظباء لا قرون لها ... يلعبن منا بألباب وأرواح
دع التشاغل باللذات يا صاح ... من العكوف على الريحان والراح
واعدل إلى فتية ذابت نفوسهم ... من العبادة نحف الجسم أطلاح
لم يبق فيهم لرائيهم إذا حصلوا ... خلاف ما خوفوه غير أشباح
تلقى بها كل محفو مفارقه ... من الدهان، عليه سحق أمساح
لا يدلفون إلى ماء بآنية ... إلا اغترافاً من الغدران بالراح
والغريب أن ناشر مسالك الأبصار يقول إن الأكيراح: بلد نزه كثير البساتين والرياض والمياه
والصحيح ما أثبتناه من أن الأكيراح هي بيوت صغيره تشبه القلية يسكنها راهب واحد إذا لم يستطع الحصول على قلية.