والشيخ محمد الخضري، والشيخ عبد الوهاب النجار وغيرهم من أفاضل الوقت.
وفاته
وبقي في هذه المدرسة إلى سنة ١٣١٧، وكانوا شرعوا في الامتحان قبل الإجازة المدرسية كالعادة، فلما كانت ليلة السبت ١٧ صفر سهر كعادته. ثم ذهب لداره معافى ليس به شئ، واستيقظ فتوضأ وصلى الصبح. ثم طلب الإفطار والقهوة، وأخذته غفوة كان فيها القضاء المحتوم، فلم تشرق شمس ذلك اليوم إلا والنعاة ينعونه والمؤذنون يؤذنون على المآذن كالعادة في موت كبار العلماء، وأمّ داره شيخ الأزهر الشريف الشيخ عبد الرحمن الشربيني، والشيخ محمد عبده المفتي، وجميع العلماء والفضلاء، وكبار نظارة المعارف، وتلاميذه من الأزهر ودار العلوم، وشيعت جنازته تشييعاً سنياً، فصلوا عليه في الأزهر ودفنوه بمقابر المجاورين رحمه الله وغفر له عدد حسناته. ومن غريب المصادفات أنه زارني قبل وفاته بيومين في ليلة مقمرة، فجلسنا في صحن الدار نلعب الشطرنج، وكان مولعاً به مع قلة إجادته فيه، فقال لي عندما أراد الذهاب نحن الآن في الامتحان، وقد قربت الإجازة، وصدري ضيق في هذه الأيام من الناس، ونفسي تجنح للعزلة، فهل تعرف لي مكاناً أقضي فيه بعض أيام بعيداً عنهم؟ فقلت يا سيدي إذا انتهى الامتحان فالأوفق أن نسافر معاً إلى ضيعتنا التي بقويسنا فنخلوا فيها بكتاب نقرؤه، فقال نعم الرأي هذا، وسأستصحب معي ولدي حسناً ليشترك معنا في القراءة. ثم لم يمض يومان حتى نقله الله إلى جواره ويسّر له العزلة، ولكن في دار قراره، فأصبت فيه مصيبة لم أصبها في بعيد ولا قريب، لما كان له عليّ من الفضل ولو لم يكن له عليّ سوى تصحيح العقيدة وتأديبي بآداب الحنيفية السمحاء لكفى.
الأستاذ يرشد
أما سبب اجتماعي به وقراءتي عليه، فإني كنت خرجت من المدارس بعد تلقي ما يتلقى بها من العلوم المعروفة وأنا في سن العشرين، وقد علق بالعقيدة شئ من آثار التربية بهذه المدارس إلا إني كنت مولعاً من الصغر بالإسلام ومحاسنه، والمطالعة في السيرة النبوية، ومناقب الأصحاب والخلفاء الراشدين، فكان ينشرح صدري لأشياء، وينقبض من أشياء