للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مبتسمة وعابسة جميلة حقاً، وجمالها في كل حالاتها يذهب بالقلب مذاهب. . . وصادق يراها بنزعاتها وشبابها وجمالها في قبضته، وإنه لفرح بها لأنها أول ما كسبت صبوته الوانية. . .

وبلغت السيارة غايتها، فهبط الرفيقان؛ ونقد صادق قائد السيارة أجره، ولكنه لم يرد حافظة نقوده إلى جيبه، بل وقف يتأمل بطاقة في محتوياتها. . . يتأملها في اهتمام، منشغلا عما هو فيه.

وصاحت به (إغراء) بعد دقائق مظهرة الملل: ما هذا؟ فلم يجب. . . واتجه بها منضدة في الكازينو وهو يبتسم لها ابتسامة باهتة يريد أن يستبقي بها رضاها، ويدرأ بها عنها الملل والخجل والدهشة.

وأطرق صادق فترة لا يتكلم، وصاحبته أمامه مستغربة لا تتكلم. . .

إن أخته طالعته بصورتها وهو يفتح حافظة نقوده، إنها قريباً ستجتاز الصِّبى إلى الشباب، وإنها لتناديه في استرحام عنيف أن يطلق سراح طير اقتحم الشر وما يدري. . إنها بقدسها تناشده أن لا يتلطخ، وأن يكون يقظ القلب. . .! إنها ترجوه، بل إنها تؤنبه! بل إنها تؤدبه!. . . وإن مستقبلها ليتراءى له منادياً: (استح لي ومني، وكما تتمناني تمنى مثلي لكل ضعيفة يتيمة!!. . .

وألقى صادق ببصره إلى الأرض خجلان، وبدا كأنه شيخ زلَّ وانفضح زلله؟ وود صادق لو كانت نيته إنساناً ليلقيه بلا رحمة في البحر الواسع حوله، أو ليطوّح به في الصحراء المترامية الدانية منه، ليبرأ إلى الله وليجرؤ أن يفكر في أخته ويناجيها ويتأمل وصورتها، ويلقاها بين حين وحين فيبسم لها وتبتسم له وتتعلق فه فخوراً ويتعلق بها فخوراً!

وقطع الصمت أخيراً والدموع في عينيه، و (إغراء) أمامه أعداها سكوته. . . قطع الصمت بقوله في جد وعزم قاطعين: فلتعودي إلى بيتك وإلى رشدك. . . لقد سوّغ هذا الخاطئ لنفسه أن يذلل لك عنان الشر، ويتهور معك إلى ما لا يتهور إليه الشرفاء، فأنقذتك منه صبية!. . .

وأحست (إغراء) وجدان (صادق) في قوله؛ أحست مشاعره وسرائره، فبدت إنسانةً غير التي هي. . . لقد ذلت نزعاتها الثائرة! وسألته في خشوع ومهابة. فمن هي منقذتي؟

<<  <  ج:
ص:  >  >>