ولست أدري على أي شئ يستند أبو جعفر فيما ذكر عن حماد في جمع هذه القصائد، وهو كما قلنا ينقض تسميتها بالمعلقات قبل جمعه لها، سواء كان ذلك للوجه الذي ذكره أم كان للوجه الذي ذكره غيره.
ولاشك أن عصر النعمان بن المنذر أحدث من عصر كثير من أصحاب المعلقات، مثل امرئ القيس وطرفة وعمرو بن كلثوم والحارث بن حلزة، فلا يصح أن يكون هو الذي كان يعلق قصائدهم بخزانته، بعد إنشادهم لها بسوق عكاظ، ويكادون يجمعون على إن تلك القصائد كان ينشدها أصحابها فيه، أحدث بكثير من عهد هؤلاء الذين ذكرناهم من أصحاب المعلقات، فقد أقيمت تلك السوق بعد عام الفيل بخمس عشرة سنة، وهو العام الذي ولد فيه النبي صلى الله عليه وسلم، ثم بقيت إلى ما بعد الإسلام حتى سنة تسع وعشرين ومائة، وفي عهد إنشائها كان جيل امرئ القيس وطرفة وعمرو بن كلثوم والحارث بن حلزة قد انقرض، أو كاد ينقرض، وإنا نستطيع أن نجزم بأن هذه القصائد السبع لم تقل في سوق عكاظ، ولا في غيره من الأسواق العربية التي كانت معاصرة له، وقد ذكروا لها أسباباً معروفة قيلت من أجلها، وأمكنة غير سوق عكاظ أنشدت فيها، وذكروا لبعضها ملوكاً غير النعمان قيلت أمامه، ولسنا في حاجة لتفصيل هذا كله لشهرته.