الإذاعة المصرية عندنا بأن تصنع فيها شيئاً مما صنعته زميلتها في لبنان، مع أن ذكرى اليازجي دين في عنقنا، وواجب يفرضه عرفان الجميل علينا.
حقاً، إن اليازجي قد نبت في لبنان، فكانت موطن مولده ونشأته، ولكنه جاء إلى مصر أديباً كبيراً وعالماً نحريراً فمنح مصر من أدبه وعلمه كل خير وبركة، إذ أصدر بها مجلة (البيان) ثم مجلة (الضياء)، وعني عناية خاصة بتصحيح أساليب الأدباء وتقويمها والتنبيه على الأخطاء الشائعة في لغة الصحفيين، وجمع هذا كله في كتاب سماه:(لغة الجرائد)، وكان الكاتب أو الشاعر في مصر لا يأخذ حظه من التقدير أو الاعتبار إلا إذا فاز بشهادة من اليازجي تزكيه في قومه، وقد ظل الرجل في مصر يفيد بعلمه وأدبه ويجاهد في خطته حتى أعياه الجهد ومات بداء السرطان في ضاحية الزيتون.
هذا هو اليازجي، عاش لمصر بعلمه وأدبه، فكان الواجب علينا أن نكون سباقين للقيام بالواجب نحو ذكراه. . .
جامعة القلم:
طالعت في الصحف أخيراً أن جماعة من الأدباء ورجال اللغة الذين خبروا تصحيح الكتب وتقويم الأساليب وشئون الطباعة قد تألفوا فيما بينهم وأسموا رابطتهم (جماعة القلم) واتخذوا لهم مكاناً وجعلوا من غايتهم مساعدة المؤلفين والناشرين والطابعين على إخراج المؤلفات مصححة مضبوطة محققة بما يضمن خلوها من أخطاء الصناعة وأخطاء الطباعة.
وقد أذاعت هذه الجماعة أو الجامعة كما تقول: أن الذي دفعها إلى هذه الغاية ما لمسته من كثرة الأغاليط والأخطاء في المؤلفات والمحاضرات والأغاني والأفلام والمقالات والرسائل التي تخدش اللغة وتحرف الكلم عن مواضعه وتضلل القراء وتهوي بقيمة المؤلفات وتسئ إلى سمعة مصر زعيمة الشرق، فرأت أن تنهض لتلافي هذا كله حتى تخرج المؤلفات خالية من الزلات بريئة من العثرات
ومهما يكن من شئ فإنها غاية حميدة ومهمة تقع موقعها من الحاجة، فإن المطبوعات الكثيرة التي تقذف بها المطابع في هذه الأيام تخرج مشحونة بالأخطاء والشناعات، وبما يضحك ويبكي من فنون الأغاليط، وذلك يرجع إما لعجز المؤلفين أو قصور الناشرين أو