وقراء الرسالة يعرفون هزجات قلمها الفنان، فلست في حاجة إلى وصف براعتها وحسن بيانها، ولكني أريد أن أحيي عاجلاً مرآتها التي جلتها لقراء العربية بعد مراياها الحسان.
وأنا سيئ الظن بآثار الأنوثة القلمية لأنني كلما تناولت عملاً فنياً لنسائنا الشرقيات بدت لي أصابع الرجل عليها شاهدة، ولعل حظ نساء مصر في الانتحال الأدبي أوفى من غيرهن في الأقطار الشقيقة.
لكن السيدة وداد فيما تقدمه لنا ترغمني على أن أستثنيها لأن أدبها تنشئه أناملها الصناع وأنفاسها التي تتموج على شباة قلمها يمدها قلب حي بين أضالع معمورة بحنان المرآة الغيرى على أختها في ماضيها وحاضرها. وكذلك كان كتابها عن أمهات المؤمنين مثل (أم الزهراء) و (أم الحسنين) و (أم المؤمنين) وغيرهن
وعناية السيدة وداد بجمال التصوير لم تمنعها من إبداء الخصائص التي تضيق بها في المرأة مع إيماننا بأنها من لوازم الأنثى حتى ولو كانت من أمهات المؤمنين كالهفوات الخفيفة التي تخللت صفاء الزوجية من جانب نساء الرسول.
وهو هو السمح الذي يصفح بفضل حلمه ورحابة صدره الذي أناره الله بنور النبوة.
وإن تعجب فلك أن تطيل الإعجاب بالسيدة وداد في مقدرتها على نخل كتب السيرة وغربلة روايات الأوائل حتى أخرجت لنا هذا الكتاب.