هذا ما كان من أمر المفاوضات بيننا وبين بريطانيا، فليفهمه من شاء كما شاء. وليقُل أصحاب الغرور المتغطرس، وليقل أشياعهم من المضللين: هذا شعرٌ، وهذه عاطفةٌ، ولكنها ليست بحقيقة معقولة أو تحليل متّزن. ونقول: نعم! إذا شئتم، ولكن الشعوب هي العواطف أولاً، وعواطف الشعوب أصدق حُكماً من عقول الساسة!
وأخيراً، ليعلم من لم يكن يعلم من المتغطرسين أو من الساسة العقلاء الذين أظلّتهم سماء مصر، إن دم الشعب قد نطق بالكلمة المتحيرة فيه، وأجمع عليها، وكتب على نفسه أن ينفي الحبث عن مصر والسودان. ومعنى ذلك أن كل من خرج على إجماعه فقد خان وادي النيل خيانة عظمى، وأنه رهنٌ بالقِصاص، وأن قصاص الشعوب أبقى على وجه الدهر من قصاص الحكومات.
والكلمة الآن لمصر والسودان، لا لفلان الزعيم ولا لفلان السياسي - فمن شاء أن يخالف عن كلمة مصر والسودان فليتقدم، ولينظر ما هو لاق في غد أو بعد غد.