الحدائق، مجمع غيد ودار مواعيد، ورأيت الناس في حديقة الحيوانات، ينظرون إلى امرأة مضطجعة على المقعد أكثر ما ينظرون إلى سبع البحر، ويضحكون لفتيات يلعبن على الحشيش أكثر مما يضحكون للقردة تتراقص في الأقفاص. . .
قال: وهذا كل شئ؟
قلت: نعم. لا شئ فوقه ولا تحته.
قال: ألم أقل لك، إنك لا تعرف الدنيا؟
قلت: فكيف تريد أن أعرفها؟
قال: كما يعرفها كل أدباء العالم، وذلك. . . ولكن قل لي أولاً، هل تحب؟
قلت: أحب؟ نعم. وهل في الدنيا من لا يحب؟
قال: تحب من؟
قلت: أحب أولادي، وأهلي، وإخوتي، وعمتي. . .
فصاح: لا لا، ما هذا أعني. هل أنت عاشق؟ إذن يجب أن تعشق، إنه لا شئ كالعشق يصب الحياة في الأدب.
قلت: هل تريد أن أختار فتاة من الطريق فأعشقها؟
قال: من الطريق، من الشباك، من السينما، المهم أن تعشق.
قلت: ويكفي هذا لتعجبك كتابتي، وترى فيها حياة؟
قال: نعم.
قلت: سهلة، سأعملها غداً؛ أحلق، وألبس أحسن ثيابي، وإن لم يكن عندي، والكلام بيننا، إلا ثوب واحد، ألبسه كل يوم، وأقف في. . . أين يقفون عادة؟ في شارع عماد الدين مثلاً، ثم أختار أجمل امرأة تمر بي، فأقول لها: العفو يا ست، أو يا مدموازيل، كما تقولون في مصر، كلمة من فضلك. فتقول: ماذا؟ فأقول: أنا كاتب يكتب مقالات مريضة، وقد وصف لي أطباء الأدب، أن أحب لتصح مقالاتي، فهل تأذنين لي أن أحبك؟
قال: أنا لا أحب الهزل.
قلت: تحب الجد؟ إذن قل لي، ماذا بعد الحب؟ أي بعد الموعد واللقاء؟ ماذا تكون النتيجة على رجل متزوج له أولاد، وعلى امرأة لا يمكن أن تكون عجوزاً ولا كهلة ما تكون إلا