فتاة غريرة، أو عذراء بكراً، لم يطوّح بها الاحتياج والفقر، ولكن هذه المدنية الملعونة، وهذا السفور والاختلاط؟ أيساوي ما أفقده من شرفي وديني، وما تضيعه من عفافها ومستقبلها، المقالات التي أكتبها يومئذ حية مشتعلة؟ وهل تكون تلك المقالات إلا جريمة ثانية لأنها تدعو إلى مثل هذا الحب؟
قال: إنك تتكلم بلسان العصر الماضي، إنا لن نرجع إلى الوراء، فلا تحاول المستحيل، هذه هي دنيا اليوم، ولابد أن أريكها؛ فقم معي.
قلت: إلى أين؟
قال: لا تسأل: امش حيث أقودك.
قلت: بشرط أن لا تدخلني خمارة ولا ماخوراً ولا مرقصاً، ولا مجمعاً فيه نساء سوافر.
قال: فكيف إذن ترى الدنيا؟
قلت: وليست الدنيا إلا هناك؟ هذه دنيا الرجس. . .
قال: ينبغي أن يرى الأديب كل شئ.
قلت: إننا تعلمنا من مشايخنا الرجعيين، أسلوب الدعوة إلى الله، وكيف تكون بالحكمة والتدريج لا تكون طفرة، فلماذا لا تمشون يا أيها المجددون على هذه الحكمة في الدعوة إلى. . . إلى. . . رؤية الدنيا؟!
قال: طيب، آخذك اليوم إلى أمكنة لا تنكرها ولا تأباها
فضحكت وقلت: ثم تمشي بي خطوة بعد خطوة، حتى تبلغ بي حيث تريد. هذه هي الحكمة.
قال: هيا بنا، على أن لا تنفق شيئاً، أنت في ضيافتي.
وأركبني سيارة، سلكت بنا شوارع على النيل، رأينا فيها أزواجاً من الناس، أزواجاً في العدد لا بعقد المأذون الشرعي فقال لي: ترى هؤلاء؟
قلت: نعم.
قال: مثل هذا يفتح قريحة الأديب حتى تتدفق بالشعر الحي الذي يهز القلوب من قراراتها، فهل أمتع من هذا؟ جمال الطبيعة وجمال الحب. . .
قلت: والحكومة ترى هذا ولا تمنعه! والعلماء يبصرونه ولا ينكرونه! والآباء. . .