قال: علماء إيه؟ وبتاع إيه؟ إنت فين يا أخي؟
ومشينا، ومر بي على قصور شامخات، فسماها ووصف لي ما يجري فيها، من دفق الذهب على موائد الميسر، وخنق الأعراض في سرر الشهوات، وحرق الأكباد بكؤوس الشراب، ثم قال لي فجأة: هل تعرف الرقص؟
قلت: لا، ولم أحضر في عمري حفلة رقص، ولم أر راقصة إلا في السينما يوم كنت أدخلها
فصفَق كفاً بكف، وأبدى الرثاء لي والشفقة عليّ، وقال بلهجة المؤدب الناصح، للمريد الطائع:
يجب أن تتعلم الرقص، إن له في مصر مدارس خاصة، وإنك تلقى فيها من يلزمك الحب إلزاماً. . .
قلت: وهل الرقص إلا الفاحشة المستترة، كالسم يوضع في علب الحلوى؟
فقال متحمساً: لا. أبداً. من قال هذا؟
قلت: أنا.
قال: هذه أفكار المتأخرين الجامدين.
قلت: وما هي أفكار المتقدمين المائعين؟
قال: ثق أننا لا نفكر أبداً عند الرقص إلا في الرياضة والموسيقى. . .
قلت: ألست تعانق فتاة غريبة عنك، يكاد يمس وجهك وجهها، وصدرك صدرها، و. . . أعني ألست تحتضنها؟
قال: وماذا في ذلك؟ لماذا تنظرون إلا إلى الناحية البهيمية؟ هذا فن!
قلت: وكشف أفخاذ بنات المدارس للرياضة فن، وتجردهن للسباحة فن، وجلب الفتاة العارية ليصورها طلاب مدرسة الفنون الجميلة فن، إن كلمة الفن اليوم مرادفة لكلمة الفجور عند أجدادنا الأولين.
وانتهى الطريق فنزلنا من السيارة، وقلت:
أشكرك. السلام عليكم.
قال: إلى أين؟ إننا سنتعشى ثم نبدأ سهرتنا.
قلت: نبدأ؟ صارت الساعة التاسعة!