عليه، وقد اندمج هذان الحرفان على مر الزمن وأصبحا كلمة واحدة مستقلة بمعنى المال. واشتقت منها ألفاظ عديدة منها مول واشتقاقاتها فعلاً واسعاً وفاعلاً ومفعولاً، ومنها ملك وملكية ومملوك وفعل ملك وامتلك الخ ومنها ملك وجمعها ملوك. ولا يبعد أن يكون مال يميل مأخوذ عن تلك اللفظة لأن الميل فيه معنى الحب والرغبة، والمال أحب شيء للإنسان.
وما يقال عن اللغة العربية وأخواتها وأجدادها السامية يقال عن اللغات الهندية الأوروبية والطورانية وجميع لغات العالم.
وخلاصة القول إن النطق ظاهرة طبيعية محضة بدأت على أبسط صورة في الحيوانات العليا التي تعيش جماعة مثل بعض الطيور وبعض أنواع ذوات الثدي وعلى الأخص القرود العليا (أما النمل فله طريقة صامتة للتفاهم والتعبير). وقد ارتقى النطق واتسع في الإنسان نتيجة العوامل الطبيعية المتقدم بيانها التي أدت تطور النوع الإنساني وتحوله إلى شكله الحالي. فالفرق بين الإنسان والحيوانات إنما هو فرق في الدرجة فقط - درجة التطور - وليس في طبيعة الأمور.
وقد نشأت اللغات - وهي ظاهرة اجتماعية طبيعية محض - من النطق بأصوات بسيطة لجأ إليها الإنسان الأول للتفاهم وكان يعبر بها عن الانفعالات النفسية أو الآلام الجسمانية أو الحاجات الحيوية، ويقلد بها الأصوات الطبيعية للأشياء والأفعال المختلفة أو أصوات الحيوانات والطيور أو عوامل الطبيعة. ثم تصرف فيها وتوسع بالنحت والاشتقاق والقياس والإضافة والإدماج وتحويل الألفاظ من معانيها المادية إلى المعاني الرمزية والمعنوية الخ طبقاً لحاجاتهم المستجدة مع تقدمه في المدنية وارتقاء الحياة الاجتماعية والعقلية. فصارت اللغات البسيطة الأولية تتطور هكذا تطوراً يختلف باختلاف البيئات والأقاليم فنشأت اللهجات المختلفة واستمرت هذه في التطور والتحول عن أمهاتها حتى أصبحت لغات جديدة مستقلة تولدت من كل واحد منها لغة أو لغات أخرى تسلسلت منها اللغات القديمة ثم الحديثة على نحو تطور الكائنات الحية النباتية والحيوانية (بما فيها الإنسان) وتسلسل الحديث منها من القديم طبقاً لنواميس التطور والتحول الطبيعية التي تشمل كل ما في الكون وعلى الأرض من الجمادات والكائنات الحية (وهي صورة من صور الجمادات