وذمه بالصفتين، وجعل المسهب أحق بالعي من الساكت والحصر فقال:(خير عي الرجال عي السكوت) والدليل على أن (المسهب) بالكسر يقال للبليغ المكثر في الصواب أنهم يقولون للجواد من الخيل مسهب بالكسر خاصة لأنها بمعنى الإجادة والإحسان، وليس قول أبن قتيبة والزبيدي في المسهب بالفتح هو المكثر من الكلام بموجب أن المكثر هو البليغ المصيب، لأن الإكثار من الكلام داخل في معنى الذم لأنه من الثرثرة والهذر، ألا تراهم قالوا: رجل مكثار كما قالوا: ثرثار ومهذار. فهذا ما عندي والله (تعالى) الموقف للصواب.
٨٩٦ - أبو بكر، علي
وفيات الأعيان: كانت لأبي الفرج بن الجوزي في مجالس الوعظ أجوبة نادرة، فمن أحسن ما يحكى عنه أنه وقع النزاع ببغداد بين أهل السنة والشيعة في المفاضلة بين أبي بكر، وعلي (رضى الله عنهما) فرضي الكل بما يجيب به الشيخ أبو الفرج، فأقاموا شخصاً سأله عند ذلك وهو على الكرسي في مجلس وعظه فقال: أفضلهما من كانت ابنته تحته. ونزل في الحال حتى لا يراجع في ذلك، فقالت السنية: هو أبو بكر لأن ابنته عائشة (رضى الله عنها) تحت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وقالت الشيعة: هو علي بن أبي طالب (رضي الله عنه) لأن فاطمة بنت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) تحته. وهذا من لطائف الأجوبة، ولو حصل بعد الفكر التام وإنعام النظر كان في غاية الحسن فضلاً عن البديهة.
٨٩٧ - وخير منه عندي
في (بدائع البدائه) لعلي بن ظافر الأزدي:
أخبرني القاضي السعيد (أبن سناء الملك) قال: أخبرني الشريف الجليل الوافد من العراق على الدولة المصرية قال: اجتمعت في بعض الأيام بأمين الدولة أبي الحسن هبة الله بن صاعد المعروف بابن التلميذ فأخذنا في ذم الدهر وإخنائه على أهل الفضل وإذا بكلاب الصيد التي برسم الخليفة قد أبرزت في جلال الوشى والديباج فحرك ذلك ما كنا نتجاذب أهدابه في الدهر فقلت: من كان يكسو الكلاب وشيا ثم يقنع لي بجلدي واستجزته فقال: