الهمم ويضرب المثل باليابان كما سنوضح ذلك من شعره.
إن إخلاص المخلص لا يؤدي ثمرته إذا لم تتوفر فيه عناصر ثلاثة: نقد قوي اللهجة للمثالب حتى يحس المنتقد ضعفه، ويقف على عيوبه؛ فيجتنب الغرور ويقترب من الفضيلة، ونصح سديد الفكرة تظهر فيه سبل الخير ويبين منه طريق الهدى؛ كي يسلكه المنصوح له دون عثار أو ضلالة؛ وأمل في الله والشعب كبير رجاء التوفيق وابتغاء الإصلاح.
وهذه العناصر الثلاثة قد ظهرت بوضوح في شعر حافظ، وكان لكل منها مظاهره العدة، وأثوابه المتنوعة. وسنتناول كل منها على حدة:
١ - نقده: في الشعر السابق وصف حافظ ما نحن عليه من
كراهة الأهل وحب الغرباء، وأننا كرماء لضيوفنا، نهوى
الألقاب في غير العلا، ونعشق الرتب. ويحدثنا عن حالتنا
النفسية بلغة سليمة مستقيمة فنحن:
ألفنا الخمول ويا ليتنا ... ألفنا الخمول ولم نكذب
تضيع الحقيقة ما بيننا ... ويَصْلى البريء مع المذنب
ويهضم فينا الإمام الحكيم ... ويكرم فينا الجهول الغبي
ونراه يحدثنا عما هو واقع بيننا من الفخر بالمال الموروث أو بالرتب، ثم تأخذه حمية الغضب. فيقول إنما الفخر بالعلم والاختراع، وبالفضل والأدب:
وهل في مصر مفخرة ... سوى الألقاب والرتب
وذي إرث يكاثرنا ... بمال غير مكتسب
فقل للفاخرين أما ... لهذا الفخر من سبب
أروني بينكم رجلاً ... ركيناً واضع الحسب
أروني نصف مخترع ... أروني ربع محتسب
أروني نادياً حفلاً ... بأهل الفضل والأدب
وماذا في مدارسكم ... من التعليم والكتب