وماذا في مساجدكم ... من التبيان والخطب
وماذا في صحائفكم ... سوى التمويه والكذب
ولقد عاب علينا اعتبارنا للمظاهر، وانخداعنا بالملابس:
إن قومي تروقهم جدة الثو ... ب ولا يعشقون غير الرواء
قيمة المرء عندهم بين ثوب ... باهر لونه وبين حذاء
وضعف الرجولة داء كمين في بعض المصريين كشف عنه حافظ، وأبان طوائف الناس بين مهلل من المهللين لا يعرف له غرضاً، وبين ساع إلى دار المندوب البريطاني، أو متردد على أبواب الحكام.
فهذا يلوذ بقصر الأمير ... ويدعو إلى ظله الأرحب
وهذا يلوذ بقصر السفير ... ويطنب في ورده الأعذب
وهذا يصيح مع الصائحين ... على غير قصد ولا مأرب
وداء آخر أشد فتكاً، وأقوى بطشاً، وهو الصحف التي تطن طنين الذباب، وما هي إلا حصائد ألسن تجر إلى الويلات وأنها أيبست ما بيننا في الأخذ والرد، فصحف ترى رأي المندوب البريطاني، وأخرى تعد هذا جرماً وإثماً كبيراً، والوزارة من وراء ذلك في رغد ونعيم.
وصحف تطن طنين الذباب ... وأخرى تشن على الأقرب
وماذا في صحائفكم ... سوى التمويه والكذب
حصائد ألسن جرت ... إلى الويلات والحرب
وأرى الصحائف أيبست ... ما بيننا أخذاً وردَّا
هذا يرى رأي العميد=وذا يعد عليه عدَّا
وأرى الوزارة تجتني ... من مر هذا العيش شهدا
ومصابنا الذي يفوق كل مصاب، وداؤنا الذي يعلو على كل داء، وهو تزلفنا لدار المندوب البريطاني وهو البعيد عنا لغة، وجنساً، وديناً، والأجنبي عنا مهبطاً وميلاداً، والذي لا نلتقي وإياه إلا في وادي بؤسنا ودار نعيمه، والذي لا تجمعنا وإياه آلام ولا آمال. وحافظ يبرئ المندوب من كل ذنب، ويخليه من الملام فسبيله أن يستبد، أما نحن فشأننا أن نستعد.