للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

وسألت الأستاذ عما حققه من تاريخ نظم الراماينا والمهاباراتا فقال: إن الرامايانا أقدم من المهاباراتا بنحو قرن واحد وعدد أبياتها في الأصل السنسكريتي ٢٤ ألف بيت فهي أقدم الملاحم العالمية قاطبة. أما المهاباراتا فعدد أبياتها ١٢٤ ألف بيت فهي أطول الملاحم العالمية قاطبة، ولكن عشرات الآلاف من أبيات المهاباراتا قد نظمت في مباحث وموضوعات عامة كأحكام الزواج وآداب الضيافة وتقديم القربان وفلسفة خلاص النفس مما لم يهتم أحد من المترجمين بنقله إلى اللغات الأوربية؛ إلا إن الحكومة الهندية قد أحدثت ترجمة كاملة نثرية باللغة الإنجليزية لهذه الملحمة وطبعت في كلكتا منذ أكثر من مائة سنة.

وآراء الباحثين تختلف في تعيين التاريخ للأدب الهندي القديم، فالمتهندون الذين وقفوا حياتهم على البحث في أصول الأدب السنسكريتي يذهبون إلى أن تاريخ هذا الأدب في وجوده يتراوح بين ٢٤٠٠ سنة و٢٠٠٠ سنة قبل الميلاد، والبراهمة والمحققون من أبناء الهند يعتقدون أن تاريخ وجوده أقدم من ذلك بكثير. ومهما يكن من شيء فإني على يقين بأن الرامايانا والمهاباراتا قد تقدمتا في الوجود على الإلياذة، وإذا كان هناك مظاهر كثيرة من التشابه بين هاتين الملحمتين والإلياذة فإن التاريخ لم يذكر إن فاتحاً فتح الهند قبل الإسكندر المقدوني الذي كان يحمل الإلياذة ويسرح كل أسير يروي بيتاً منها. ومن المعلوم على اليقين إن عهد الإسكندر أحدث من عهد الإلياذة نفسها. وفي أثناء سفرتي الثالثة إلى لندن، وهي هذه السفر عنيت بالاطلاع على ماجد من الكتب في مكتبة المتحف البريطاني لاستيفاء البحث في هذه الناحية، وقد سرني أنني لم أجد شيئاً هناك ينقض ما كنت قد وقفت عليه في هذا الشأن.

في ضيافة طاغور:

وحدثنا الأستاذ عن شغفه بالأدب الهندي القديم والروح الهندية الفياضة بالتأمل العميق وهو لما يزل في مطلع شبابه فقال: لقد أخذت وأنا في طراوة العمر بذلك النغم الذي تبينته في الأدب الهندي والفلسفة الهندية وحملتني نفسي في هذا السبيل على أن أعيش عيشة أهل الهند وأن أنسك نسكهم فسافرت إلى هناك وقضيت شهرين في ضيافة طاغور، وأخذت أروض نفسي على حياة الهنود الناسكين، وكنت قد أحسست في جنايا قلبي بكل المشاعر

<<  <  ج:
ص:  >  >>