للقيصر، ومثل هذا العدد تابعون لملاك الأراضي، وما تبقى بعد ذلك فتابعون للكنيسة أو أوزاع وخدام.
ولم يك هؤلاء الملايين يملكون من أمرهم شيئا؛ إذ كانوا في كل أمر خاضعين لمشيئة سادتهم لا ينتقلون من جهة إلى جهة غيرها ولا يمتلكون شيئا أو يبيعونه إلا بإذن من هؤلاء السادة؛ وهم فوق ذلك مكلفون بأن يؤدوا للسيد ما يطلب من المال كضريبة أو كمنحة وأن يعملوا مسخرين في أرضه، وللسيد إذا باع أرضه أن يبيعهم كما تباع القطعان والسلع؛ وهو ينزل بهم ما شاء من أنواع العقاب كالجلد والحبس والنفي إلى سيبيريا.
وكان السادة الأرستقراط يعيشون عيشة مترفة، ولهم في قصورهم كل ما في الحياة الأوربية من مظاهر النعيم، فالموائد والحفلات الساهرة الأثاث والخدم على اختلاف أعمالهم ومراتبهم كل أولئك على النمط الأوربي. وأخذت العادات وآداب المجتمع الأوربي تتغلب على عادات الروس وعرفهم في هذه البيوت الأرستوقراطية التي تجعل قياس التمدن الأخذ بأكبر قسط من كل ما هو أوربي، حتى اللغة فإنهم في هذا الوسط يتكلمون الفرنسية في حفلاتهم التي تجمع بين الرجال والنساء وفق الأسلوب الأوربي. . .
وانحطت الحكومة، فلا أمانة ولا عدالة، ولا إصلاح؛ وكانت وظائف الدولة لمن يدفع من المال أكثر مما يدفع غيره، لو لمن كان له بذوي الجاه صلة، فأصبحت الرشوة أمرا لا غرابة فيه، وتفشت حتى تسللت إلى المحاكم دانيها وعاليها، ولم يكن للحكومة منهاج أو شبة منهاج للإصلاح، وحسب رجالها في المقاطعات أن يجمعوا لأنفسهم المال بكل ما وسعهم من حيلة أو واتاهم من بطش. . .
وكان الملايين من الزراع أضعف من أن يشتكوا؛ لهذا حملوا الآلام كما تحملها الدواب فلم يكونوا صابرين على حالهم وإنما لم تكن لهم فيه حيلة! ولقد كانت حال هؤلاء المساكين أسوأ كثيراً من حال المزارعين في فرنسا قبل ثورتهم الكبرى، ولكن أولئك الفرنسيين كانت بينهم طبقة امتلكت وتعلمت وتأثرت بكتابة المفكرين والفلاسفة وهي الطبقة الوسطى، ومن بين صفوف هذه الطبقة انبعثت الشكوى ثم رجفت بعد ذلك الراجفة!
أما في روسيا فلم يكن غير كبار الملاك وهم السادة وملايين الزراع وهم العبيد؛ على أن مقاومة الاستبداد في روسيا جاء على يد نفر من هؤلاء السادة المتملكين، الأمر الذي يبدو