بالنبي إلى اليمن، ويقرئه التوراة والإنجيل ويجمعه إلى الرهبان والأحبار ثم يقول إنه ألف القرآن.
فما أدرى مما أعجب؟ أأعجب من هذا العلم الذي شداه، أم أعجب ممن يفتري على محمد، وهو من شباب محمد؟
قال صاحبي: لا تلم هذا أيضا. إنما هو ببغاء لقنوه الشر فأعاده. إنما لم أبويه اللذين أغفلا تربيته وسددا خطواته وعرفاه من هو محمد. ليت شعري أتطمع من المستشرقين أن يفعلوا غير هذا؟ إنه ليكفيهم أن يغرسوا في نفوس من يلقونه من ناشئة المسلمين الشك. . . في الدين، والكتاب، واللغة. . . فإذا شككت وكنت من الضعاف الإيمان، زلت بك القدم فهويت. لا تلم هذا، بل لم أولئك الذين لم يحسنوا تلقين الدين، ولا تعليم التاريخ، ولا انتقاء الأساتيذ. . .
قال ثالثنا: ولكن عندي ما ليس عندكم. فقد حدثت عن واحد من هؤلاء، هواه مع الشيوعيين، ومعدود في المسلمين وقد شارف على الأربعين، إنه عاد من أوربة يحمل دراسة عن كنيسة من كنائس فرنسة، نال بها الدكتوراه. فبلغني من صفته أنك إذا رأيته يمشي في الطريق، وهو يتثنى وأبصرته وقد نتف حاجبيه، وصفف شعره، حسبت أنه عانس تلبس البنطلون. دعوه يوما إلى المسجد الأموي ليحتفل بمولد الرسول. فنظر في بطاقة الدعوة شزراً، ثم غمز الجرس فأستدعى كاتبا عنده فلما أتاه قال له:
أما تزالون تنزعون نعالكم إذا دخلتم المسجد؟
فصعق الكاتب لهذا السؤال، وحدق بالسائل يريد أن يعلم أهو في الجد أم الهزل. فهذا سؤال لا يسأله مسلم. . . فأجابه.
- نعم يا سيدي.
قال: ومتى تتمدنون؟ لقد غبت عن دمشق تسعة أعوام كاملات وعدت فرأيتكم حيث كنتم. . . متى يصبح عندنا علماء يجتهدون، فيقلبون الدين رأساً على عقب؟ متى ينقذوننا مت خلع النعال، وينقذوننا من الركوع والسجود؟ لم لا يفعل المسلمون فعل النصارى؟ إنهم يدخلون كنائسهم بنعالهم، لا تتسخ جواربهم، فيقفون قليلا يرتلون. . . ثم يخرجون لم يتعبوا، ولم تتسخ سراويلهم!. لم لا تنشرون هذه الدعوة.؟ آه! سأنشرها بين طلابي بنفسي. . . .