للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

غير متحفظ ولا متردد ولا ملجلج ولا مجمجم، وإنما هو اللفظ الصريح أرسله واضحا جليا لا التواء فيه ولا غموض علمت المقلدين كيف يرتقون بتقليدهم. . . وعلمت المجددين كيف ينزهون أنفسهم عن الغلو. . وعلمت أولئك وهؤلاء أن الفن حر. . . كريم. . . نشيط. . . أنت حميت حافظا من أن يسرف في المحافظة. . . . وحميت شوقي. . . من أن يسرف في التجديد. . وأنت رسمت للمعاصرين من الشعراء هذه الطريق الوسطى التي تمسك على الأدب العربي شخصيته الخالدة وتتيح له أن يسلك سبيله إلى الرقى والكمال، وقد حاولوا أن يتبعوك في هذه الطريق فطار بعضهم بجناح واستسلم بعضهم فأراح وأقمت أنت على قمة الشعر الحديث شيخا جليلا وقوراً. . . .).

هذا بعض ما قاله الدكتور طه حسين بك وهو صريح واضح في أن مطرانا هو زعيم الشعراء في العصر الحديث بلا استثناء وأنه أستاذهم جميعاً - حتى حافظ وشوقي -!

ولكنا قد سمعنا الدكتور طه حسين بك نفسه منذ ثلاث عشرة سنة يقف في حفل تكريم العقاد الذي أقيم في سنة ١٩٣٤ ويقول: -

(إن العقاد هو الصورة الناطقة واللسان الخالد والمرآة الصافية المجلوة التي حفظت صورة مصر الناهضة وأبقتها ذخرا للأجيال القادمة. . . أنا سعيد جداً. . . في أن أعلن رأي في صراحة وأن أقول. . . إني لا أؤمن في هذا العصر الحديث بشاعر عربي كما أؤمن بالعقاد أنا أعرف حق المعرفة وأقدر كما ينبغي نتيجة هذه المقالة التي أعلنها سعيداً مغتبطاً، أعلم هذا حق العلم وأعلنه مقتنعا به محتملا تبعاته).

وإني (أؤمن به وحده. . . لأني أجد عند العقاد مالا أجده عند غيره من الشعراء. . . وأكبر العقاد وأؤمن به وحده دون غيره من الشعراء في هذا العصر. . لأنه يصور لي هذا المثل الأعلى في الشعر. . هذا المثل الأعلى الذي يجمع بين جمال الشعر العربي القديم وبين أمل المصري الحديث. . .).

وختم قوله الذي استغرق صفحتين من جريدة الجهاد بهذه الصيحة (ضعوا لواء الشعر في يد العقاد وقولوا للأدباء الشعراء أسرعوا واستظلوا بهذا اللواء فقد رفعه لك صاحبه).

هتاف هو حكم الدكتور طه حسين بك - بالأمس - في زعامة الشعر في العصر الحديث، وذاك قضاؤه الذي قضى به اليوم نعرضهما أمام الأدباء جميعا ليروا رأيهم فيهما

<<  <  ج:
ص:  >  >>