تمهيد في التصوف وأثر الأستاذ الكامل في تربية الروح
(تأليف الأستاذ حسن كامل الملطاوي)
ليس من ينكر من المنصفين أن الصوفية الحقيقيين كانوا من رواد المسلمين إلى المثل العليا، وكانوا في قضايا الحق والخير من العمال الأقوياء الأمناء. وتلك صحائفهم في كتب الجهاد لنشر الدين والفضيلة نضيرة مقروءة، ومناهجهم في تهذيب أتباعهم والتصاعد بهم في مدارج الرقي الروحي موصلة محمودة، وما زالت سيرهم بما تنضح به من إخلاص وإشراق وروحانية مناهل للواردين وذكرى للذاكرين.
بيد أنهم منوا في بعض مراحل تاريخهم بدخلاء حرموا المواهب الفكرية والروحانية والذوقية. فتعوضوا عنها بالتكبر على الناس والاستطالة، وجعلوا التصوف مجرد رسوم وإشارات، وأضافوا إليه شعبذات تردها الإسلامية ويجل عنها التصوف، شعبذات يقع أثرها في النفس تارة مضحكاً وتارة مبكيا.
وهكذا ذهبت في أهل الحقيقة الظنون مذاهب، ومزقتهم الأقاويل، وتطرف بعض الناس فرأوا التصوف الذي تهدف رسالته إلى إسعاد مظهراً من مظاهر الهبوط الاجتماعي!
وكان الظن بالمتعلمين أن يقبلوا على التصوف ليحسنوا العمل به كما أراده السابقون، ولسهموا في كشف الضباب الذي غلفه، فيعود نوره إلى الإشراق في القلوب فيملؤها سعادة وطمأنينة، ويعود بقوته الحقيقة إلى المجتمع الإنساني الذي مشى فيه لؤم الحياة، والذي أشقته المادة وبهظته الدنيات، فينقيه جميعا، ويوجد عالما مرتفعا قدسيا ولكنهم من أسف أعفو أنفسهم من الواجب، وقنعوا بإطلاق ألسنتهم بالثلم والهدم، بالحق وبالباطل
واليوم، نستنشي الرجاء من الشباب المثقف إذ نرى واحداً منهم وهو (الأستاذ حسن كامل الملطاوي) الذي تداولت كفايته الوظائف الطبية، يقدم لنا رسالته الجيدة في التصوف. والطريف أن المؤلف على ما لديه من ألوان الغذاء الصوفي المهضوم لم تتصل دراسته ولا