للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

المصري الغراء إلى هذه المحاضرة إشارة لطيفة.

ويعتقد الكونت هيراد إن السعادة الزوجية لا يمكن أن تقوم دعائمها إلا على هذا الأساس إذ تقوم كل زوجة بمهمتها على نظام دقيق، فإذا مرضت إحدى الزوجات أما ماتت كان لابد للزوج أن يعيد النظر في تنظيم مملكته من جديد وأن يبحث عن زوجة شابة جميلة يضعها في مركز الصدارة العظمى من هذه المملكة.

وقد كان المفروض أن يثور المستمعون على هذه الآراء الجديدة الجريئة التي تخالف ما أصطلح القوم عليه وتتعارض مع تقاليدهم المأثورة والموروثة.

ولكن الأمر كان على العكس إذ قوبلت المحاضرة بالسرور والإعجاب والتصفيق من المستمعين جميعاً ذكراناً وإناثاً.

وأحب أن أعلق هنا على هذه الآراء التي نشرتها الصحف على إنها من مبتكرات العلامة الكونت هيراد لأنها منقولة مع شيء من التحريف من أحكام الشريعة الإسلامية التي طالعت العالم بها منذ ثلاثة عشر قرناً، وقد كان الغربيون يعتبرون هذه الأحكام من عيوب الدين الإسلامي ويتخذونها سبيلاً للطن فيه، كما كانوا يعيبون على المسلمين إقرارهم لمبادئ الطلاق. فلما كشف الله عن بصائرهم، وطار رماد التعصب من عيونهم، وارتقت بهم المدنية إلى إدراك أسرار الحياة، وفهم حقائق الوجود، آمنوا بتعاليم الإسلام وأقروها ونفذوها بالفعل على اعتبار إنها ضرورة من ضرورات العيش، حتى ليخيل إلي أنهم قد أصبحوا مسلمين بقوة الواقع وإن لم يعلنوا إسلامهم بحكم التقاليد!!

وأتذكر أني ألقيت في العام الماضي محاضرة في نادي رابطة الموظفين بالمنصورة عن حكمة تعدد الزوجات في الإسلام حضرها كثير من أهل الرأي والعلم، فلما انتهيت منها قام شاب من إخواننا المسيحيين ومن مدرسي المدارس الثانوية، فأعلن في صراحة عجيبة بأن لم يكن يعرف أبداً أن الإسلام بمثل هذه السماحة وهذا اليسر، وإنه يشعر تحت تأثير الإعجاب بما انطوت عليه أحكام الشريعة الإسلامية من مزايا وفضائل وأسرار؛ إنه مسلم بجوارحه وروحه!! فدوت القاعة الكبرى بتصفيق حماسي هز جوانح الجميع.

أما تعدد الزوجات في الإسلام فحكمة أرقى بكثير مما ذكره الكونت هيراد، وهو في اعتقادي من مزايا الدين الإسلامي وفضائله، على أن يكون هذا التعدد لحكمة وضرورة، لا

<<  <  ج:
ص:  >  >>