ونشوة، وتحمل إلى النفوس البائسة الراحة والسلوى والطمأنينة والهناء، ويقضون الليل كله في الإصغاء إليها والتملي من نشوتها، فغدت الأصوات اليوم تصدر من الحناجر الخشنة وتصيح بما يسمونه فناً ولو لم يحمل في ثناياه السحر والطرب.
إن البلاد العربية التي تصدر في موسيقاها عن الديار المصرية، ليعز عليها ويسوؤها أن يتردى الفن في مصر إلى هذا الدرك الذي يعلن عن نفسه بمظاهر التماوت والتخنث والضعف، وتود من صميم أفئدتها أن يلهم القائمون على هذا الفن في مصر، الرجوع به إلى القديم مع اقتباس النافع الجميل من الحديث، ذلك لأنا حديثنا اليوم قد غمر نفوسنا وكاد ينسينا قديمنا، فإذا لم توفق مصر، وهي زعيمة العروبة اليوم إلى هذا الذي نرجوه، فلن ترى في الجيل الجديد إلا مضيعاً للفن وأهله وإننا لنشاهد اليوم بوادر هذا التضييع منذ بدأنا نكلف آذاننا أن تستسيغ الأنغام الشعبية على ما بها من تبذل في المعاني وحطة في الفن هرباً بأنفسنا عن سماع المقطعات الحديثة الجافة. . .
ونحن لا نريد أن نشمل بحكمنا كل حديث، إذ لا نكران أن بعض الملحنين المعاصرين قد صدحت حناجرهم بألحان فيها فتنة القديم فأقبل الناس على تلقيها وتعلمها وذاعت على أفواههم وأجمع أفراد الشعب على استحسانها مثل أغنية (على بلدي المحبوب) وأغنية (ما أحلاها عيشة الفلاح) و (ليلة العيد) وغيرها من المقطعات ذات النغمة البياتية الساحرة وكان سرور الناس عظيماً بالألحان التي طلعت بها علينا حديثاً مطربة الشرق في فلم (سلامة) من تلحين الشيخ زكريا أحمد، وهذا يدل على أن بعض الملحنين العصريين بدأوا يعودون إلى القديم.
(دمشق)
حسني كنعان
مداعبة:
عندما أصف الأستاذ الشيخ علي الطنطاوي بأنه من المحافظين أكون قد خففت كثيراً مما أسمعه من وصفه الذي يدل على (المغالاة في المحافظة).
هذا المسلم المحافظ لم يعجبه أن يبقى المسلمون بدون (وسكي) فسمى الشاي الأخضر