للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

جلالة الملك.

ولكن المدهش حقاً أن برى الحكومة المصرية تتولى القضاء في أمور الأفراد المالية فقط وتغفل ما هو أهم من المال بكثير، وأعني به مسائل الأحوال الشخصية كالزواج والطلاق والبنوة والولاية على النفس ونفقة الأقارب وغيرها مما هو أساس الأسرة، وعليه يقوم النظام الاجتماعي بأكمله، لأن الأسرة هي نواة المجتمع، وتترك الحكومة هذه الأمور الهامة الحيوية لبعض الهيئات الطائفية تتصرف فيها كما تشاء من غير رقيب عليها ولا قانون وضعي ثابت لها يقيدها إلى حد ما في أحكامها، قانون صادر من السلطة التشريعية المصرية صاحبة الولاية على التشريع في البلاد.

وكم كتب المفكرون والمصلحون عن فوضى محاكم الأحوال الشخصية في مصر، والفساد المنتشر بين جدرانها، والتحيز والتلاعب بل الظلم البين الذي طالما وقع في أحكامها. وإني أحيل القارئ إلى المقالات الضافية التي ينشرها عنها بحق الأستاذ عزيز خانكي بك وغيره ممن طوقوا هذا الباب وبينوا عيوب تلك الهيئات وفساد نظامها وخلوها من كل تشريع وضعي لأحوالها الشخصية صادر من السلطة التشريعية. ولا أنكر أنه توجد بعض مجالس منظمة قليلا إلى حد ما مثل المجلس الملي للأقباط الأرثوذكس بالقاهرة، ولكن هذا استثناء لا يبنى عليه حكم، وهو يرجع إلى بعض الأفراد الأفاضل الذي يجلسون الآن في هذه الهيئة وليس ما يضمن بقاء الحال فيها هكذا. ويكفي أن نقول إن كثيراً ما تؤجل القضايا إدارياً لعدم حضور الأعضاء كلهم أو بعضهم في أكثر من نصف جلسات الستة وأن هذه المجالس تعطل مدة أربعة شهور الصيف.

فواجب الحكومة الآن أن تمحو هذا النظام العتيق البالي من أساسه وأن تلغي الامتيازات الداخلية القضائية التي كانت قد اختصت بها الطوائف في الأزمنة الغابرة لعدم ثقتها بالحكومات القائمة في تلك العهود إذ كانت فكرة حماية الأسرة والنظم الاجتماعية معدومة من أذهان الناس، وكانت وظيفة الحكومات في تولي القضاة غير راسخة - نقول إن واجب الحكومة الآن أن تلغي هذه الامتيازات الداخلية الطائفية أسوة بالامتيازات الأجنبية، وذلك بأن تلحق اختصاص محاكم الأحوال الشخصية جميعها الشرعية والمالية بالمحاكم الوطنية كما هو حاصل في جميع البلاد الغربية وفي تركيا نفسها، وأن تسن تشريعاً عاماً للأحوال

<<  <  ج:
ص:  >  >>