للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

وما لنا وهذا كله، تركيا وباقي بلاد أوربا وأمريكا واليابان قد نظمت قوانينها المدنية أمور الزواج وأحكامه وكيفية انعقاده وفسخه عند الاقتضاء وما يتبعه من أحوال الطلاق والنبوة والولاية على النفس وعلى المال الخ. . . دون أي دخل للأديان. وقد فرضت أغلب الشرائع البلاد المتمدنة عقوبات صارمة على رجال الدين الذين يعقدون الزواج قبل أن يعقده موثق الزواج الحكومي الرسمي فضلاً عن أن هذا الزواج يُعد باطلاً قانوناً وكأنه لم يكن لأن الحكومات هناك ترى بحق أن الزواج نظام اجتماعي هام هو أساس الأسرة والمجتمع بأسره فلا يمكن أن يترك أمره للأفراد مهما كان مركزهم. وكل ما هناك أنه يجوز لمن يشاء من الأزواج أن يذهب، بعد إتمام العقد بالطريق النظامي الرسمي، إلى رجال الدين ليجروا طقوسهم الدينية عليه.

وإني لا أدري لماذا تفضل الحكومة الأقليات الطائفية التي تريد أن تستأثر بأحوالها الشخصية بدعوى أنها من أصل الدين - لماذا تفضلها على الأغلبية من المصريين وقد أبطلت استعمال تشريعهم الديني الخاص بالمعاملات والعقوبات واستعاضت عنه بالقوانين المدنية والتجارية والجنائية العصرية.

ومعروض الآن على مجلس الشيوخ مشروع قانون لتأييد تلك الامتيازات الطائفية مع تنظيمها. فكل محب لخير بلاده يرجو من حضرات شيوخنا أن ينظروا إلى الموضوع من ناحية مصلحة الوطن العليا غير متأثرين بفكرة مجاملة زملائهم من أبناء الطوائف الأخرى فيرفضون المشروع برمته ويرسمون للحكومة في رفضهم الخطة المثلى التي يجب أن تتبعها وهي ألا تترك أمر الأحوال الشخصية في أيدي الأفراد فإن من أول واجباتها أن تقوم هي بتنظيمها وسن قوانين عصرية صالحة لها وتتولى القضاة فيها على ما تقدم بيانه.

وليضع رجال التشريع وأولو الأمر فينا نصب أعينهم أن أول صفة يجب أن يتحلى بها من يتزعم الحكم هي الشجاعة والأقدام في تنفيذ الإصلاحات النافعة دون أن يبالي بمقاومة العناصر الرجعية الجاهلة.

نصيف المنقباوي

المحامي

<<  <  ج:
ص:  >  >>