جاء في عدد الرسالة الغراء رقم ٧١٨ تحت عنوان مضحكات مبكيات بقلم السيد صلاح الدين المنجد ما نصه:
(لقد صادفت اليوم في طريقي طالباً في الجامعة (يعني الجامعة السورية) فحدثني حديثاً أهمني. حدثني أن أستاذه قرأ عليه نصاً فيه:(ليس ثوب الحِداد) فقرأها (الحدَّاد) فلما قال له الطالب: إنها الحِداد يا أستاذ! انتهزه وأصر على أنها الحدَّاد. ثم ساق الأستاذ على ذلك دليلا تمسك به فقال هكذا أخذناها عن المستشرق فلان. . . أتعلمون من هو هذا المستشرق؟ إنه أوسع أهل الاستشراق علماً، وأذكاهم فهماً، وأفصحهم لساناً، وقوله لا يرد لأنه ثقة، ضابط، محرر).
ومن المؤلم أن ينشر السيد المنجد هذا الخبر قبل أن بتحقق من صحته. وحقيقة الأمر أن الأستاذ الجليل عز الدين التنوخي عضو المجمع العلمي العربي بدمشق، ومفتش اللغة العربية في وزارة المعارف في الجمهورية السورية، وأستاذ النحو والصرف في فرع اللغة العربية من كلية الآداب في الجامعة السورية، أراد في أحد دروسه أن يرمي كعادته على طلابه نكتة ليخفف عنهم قليلا من عناء الدرس فقال ما معناه:
مهما تعمق المستشرقون في دراسة لغتنا العربية، ومهما توسعوا في الاطلاع عليها فلا يستطيعون أن يتفهموا معانيها كما يتفهمها أبناؤها. ومما يروي عن أحدهم وهو من كبارهم أنه بينما كان يقرأ نصاً عربياً على طلابه قرأ (لبس ثوب الحدَّاد) بدل لفظة (الحِدَاد) ولما راجعه أحد طلابه قائلا: (إنها الحِدَاد وليست الحدَّاد يا أستاذ) أصر الأستاذ المستشرق على لفظة الحدَّاد مفسراً ذلك بقوله بما أن ثوب الحدَّاد أسود مما يصببه من هباب الفحم الأسود فإنه يقال لمن يحزن أنه لبس ثوب الحدَّاد كناية عن الحزن!
هكذا روى أستاذنا الجليل التنوخي النكتة، وعلق عليها بما قدمت. فالقضية إذن لا تتصل بأستاذ جاء من أوروبا ولكنها تتصل بأستاذ لم يذهب للدراسة في أوربا أبداً.