للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

الأشياء الضرورية في تكوين الحلم. أظن هذه النتيجة سترفع عنكم عبئاً ثقيلا، ومع هذا فإننا إذا دققنا النظر وجدنا أن التحريف موجود حتى في هذه الأحلام وإن كانت على درجة طفيفة جداً، وأن هناك اختلافاً ولو بسيطاً جداً بين المحتوى الظاهر والمحتوى الباطن للحلم.

٤ - الحلم الذي يراه الطفل عبارة عن رد فعل لحادثة وقعت له في اليوم السابق وخلفت بعدها آثاراً من الندم أو الطموح أو رغبة لم تحقق. وهذه الرغبة تتحقق في الحلم في صورة واضحة مكشوفة. ومن الواضح أننا لا نجد في أحلام الطفولة هذه أي أثر للمؤثرات العضوية التي يركن إليها بعض العلماء في تفسير الأحلام ولكن ليس معنى هذا أننا ننكر أثر هذه المؤثرات في تكوين الأحلام، وإنما كل ما أود قوله هو أن أسألكم لم تغفلون من مبدأ الأمر أن هناك مؤثرات عقلية كما أن هناك مؤثرات عضوية تقلق نومنا؟ فنحن نعلم بلا شك أن هذه المؤثرات هي التي تمنع الرجل البالغ من النوم لأنها تجعل من العسير عليه أن يتهيأ للحالة العقلية اللازمة للنوم أي قطع كل صلة تربطه بالعالم الخارجي، فهو لا يرغب في أي شيء يقطع عليه حبل أفكاره ويود لو ظل يعمل فيما هو مشغول به وهذا هو السبب الذي يمنعه من النوم. وعلى هذا فالمؤثر العقلي الذي يقلق نوم الطفل هو الرغبة التي لم تحقق والحلم هو رد الفعل الذي ينشأ عن ذلك.

٥ - نرى من هذا أن قيمة الحلم كرد فعل للمؤثرات العقلية تتوقف على قدرته على تصريف الرغبات المكبوتة حتى يزول المؤثر ويظل النوم متصلا. ونحن لا نستطيع أن نعرف بعد كيف يحدث هذا التصريف من الوجهة الديناميكية، ولكنا قد لاحظنا بلا شك أن الأحلام ليست مقلقة للنوم (وهي التهمة التي تلصق بها دائماً) وإنما هي حارسة عليه تخلصه من عوامل القلق والإزعاج. وقد يميل البعض إلى الظن بأننا لو لم نحلم لنمنا نوماً أحسن ولكنه بذلك يكون مخطئاً لأن الحقيقة أن الفضل في القدر الذي نمناه يرجع إلى الحلم وأننا لولاه لما نمنا على الإطلاق. وإذا كان الحلم لا يجد بدا من إزعاجنا قليلا فمثله في ذلك كمثل الشرطي الذي لا يستطيع أن يتجنب إحداث جلبة أثناء طرده من قد يعكر علينا هدوءنا أو يوقظنا من النوم.

٦ - من الصفات الرئيسية للأحلام أنها تنشأ عن رغبة وأن محتوى الحلم يمثل هذه

<<  <  ج:
ص:  >  >>