الموضوع، لأنه امتد منها إلى تونس ثم إلى مراكش. وجدت فرنسا الأراضي الجزائرية من أملاك الدولية طبقاً للنظام العثماني، فأبقت على ذلك النظام لكي تستعين به على منح ما تشاء منها لمن تشاء. واستولت في الحال على أراضي الأتراك وأراضي المحاربين، وكانت تمنح هذه الأراضي إلى الفرنسيين وتعترف لهم بملكيتها، بينما ظلت الأرض التي يقيم فيها المواطنون غير معترف بملكيتهم لها. وقد امتد هذا الأمر إلى سنة١٨٦٣، حينما اعترف لهم نابليون الثالث بهذه الملكية.
وخرجت فكرة المحراث من حيز التفكير إلى حيز الوجود وبدأ الفرنسيون يدفعون بالجزائريين إلى الجنوب ليستولوا على الأراضي الخصبة في الشمال. لكنهم وجدوا أنفسهم أمام مشكلة جديدة هي: من أين لهم أن يوجدوا طائفة المستعمرين وبلادهم عاجزة عن المستعمرين من أبنائها؟
حصل بعد الثورة الفرنسية في سنة ١٨٤٨ - وهي السنة التي صدر فيها قرار باعتبار أراضي الجزائر أراضي فرنسية - أن عمت البطالة بين الطبقة العاملة في باريس، إلى درجة فادحة، فقرر المجلس الوطني الفرنسي إرسال العمال إلى الجزائر لاستعمار الأراضي، ليخفف بذلك من حدة البطالة، ويحقق الهدف الاستعماري في تلك البلاد. وكانت الحكومة تنقل العمال مجاناً إليها فإذا وصل العامل إلى هناك منحته عشرة هكتارات من أجود الأراضي الزراعية.
بيد أنه لم يكن من اليسير أن يصبح عامل المصنع فلاحا. لقد توافد هؤلاء المستعمرون إلى أرض الجزائر أفواجا أفواجا. ولكن بدلا من أن يبرهنوا على تفوقهم في الإنتاج أفسدوا الأرض وعجزوا عن استغلالها، وما هي إلا بضع سنوات حتى بدءوا يرجعون إلى فرنسا من جديد وكان عدد الذين رجعوا أكثر من النصف.
وهكذا عجزت فرنسا عن أن تمد الجزائر بالفلاحين من أبنائها، ولكنها لم تستطع بالرغم من ذلك أن تتنازل عن فكرة إيجاد أقلية تفتت القومية التي قد تحدث لها مشاكل في المستقبل تعجز عن مقاومتها، ولذلك عمدت إلى اتخاذ أجراء خطير، هو تشجيع الأجانب من أسبانيا وإيطاليا وكورسيكا على الهجرة إلى تلك البلاد والقيام بالدور الذي عجز أبناؤها عن القيام به. وفعلا توافد عليها خليط غريب من أجناس مختلفة، منحتهم فرنسا جنسيتها