للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

طريقة إمام الحرمين وتخرج به فيها وصار من وجوه الأصحاب ورؤوس المعيدين في الدرس، وكان يعيد الدرس على جماعة حتى تخرجوا به، وكان مواظباً على الإفادة والاستفادة. ونقل السبكي في طبقات الشافعية الكبرى عن الكيا نفسه قوله: كانت في مدرسة سرهنك بنيسابور قناة لها سبعون درجة وكنت إذا حفظت الدرس أنزل القناة وأعيد الدرس في كل درجة في الصعود والنزول وقال: وكذا كنت أفعل في كل درس حفظته ثم يقول السبكي: وفي بعض الكتب أنه كان يكرر الدرس على كل مرقاة من مراقي درجة المدرسة النظامية بنيسابور سبع مرات وأن المراقي كانت سبعين مرقاة.

وهذا الذي نقلناه يدلنا على أن الكيا في نيسابور كان طالباً مجداً بكل ما تحتمله كلمة من مجد من معنى، وأنه ظل على جده واجتهاده في طلب العلم حتى أصبح من كبار تلامذة إمام الحرمين وحتى إنه كان يقوم بإعادة دروس شيخه على كثير من زملائه الطلبة حتى تخرجوا عليه، وعلى هذا النحو بقى في نيسابور إلى أن توفي شيخه الجويني سنة ثمان وسبعين وأربعمائة فارتحل عنها إلى بيهق.

في بيهق:

خرج إلكيا من نيسابور إلى بيهق وقد استكمل علماً فقد علمنا أنه كان من كبار تلامذة إمام الحرمين وانه حصل طريقته في إلقائه الدروس والبحث العلمي؛ ونرى أن الوقت كان ملائماً كل الملاءمة لهذا الطارق على بيهق ليظهر علمه ونبوغه. ولا شك أنه فعل ذلك حتى عظم قدره عند ولاة الأمور هناك. ولكن المصادر التي بأيدينا لا تتكلم عن هذه الفترة من حياته من سنة ٤٧٨ التي مات فيها إمام الحرمين إلى ٤٩٢ التي دخل فيها بغداد إلا قليلا، فابن خلكان يقول: ثم خرج من نيسابور إلى بيهق ودرس بها مدة ثم خرج إلى العراق. وأكثرها يهمل هذه المدة الطويلة من حياته فلا يذكرها بخير أو بشر. إلا أن ابن خلكان كشف عن هذا الغموض قليلا حين نقل عن عبد الغافر الفارسي صاحب تاريخ نيسابور قوله: (ثم اتصل بخدمة مجد الملك بر كيارق ابن ملكشاه السلجوقي وحظى عنده بالمال والجاه وارتفع شأنه وتولى القضاء بتلك الدولة).

وفي حوادث سنة اثنتين وتسعين وأربعمائة من الكامل لابن الأثير ما يأتي: في هذه السنة في شعبان وصل إلكيا أبو الحسن علي بن محمد الطبري المعروف بالهراس الفقيه الشافعي

<<  <  ج:
ص:  >  >>