الغرفة في قطع صغيرة. . . واهتز الباب اهتزازاً عنيفاً ثم فتح الباب على مصراعيه. . .
ووقف ثلاثة من الجنود على عتبة الباب وقد رفعوا مسدساتهم في أيديهم.
وتقدم أحدهم وقام بتفتيش الجاسوس الفرنسي تفتيشا دقيقا ثم قبض على كتفه في شيء من العنف.
وفي تلك اللحظة دخل فورناشوف الغرفة.
كان فورناشوف هذا من كبار موظفي حكومة السوفييت على أن الجمهور لم يكن يدري من أمره شيئاً فقد كان نادر الظهور أمام أفراد الشعب، كما أن اسمه لم يكن يذكر في الإدارة السرية في الكرملين إلا في ظروف خاصة.
هز فورناشوف رأسه في إيماءة خفيفة إلى فانيا ولكنها كانت أبلغ من الكلام. . .
كانت هذه الإيماءة الخفيفة تحوي كل معاني التهنئة. . . حقاً لقد قامت الفتاة بدورها على ما يرام فسارت الأمور في نصابها دون أن تحدث أي ثغرة بسيطة في الخطة الموضوعة. . .
وصاح فورناشوف يأمر الجند: خذوه خارجاً. . .
كان أندريه ممتقع الوجه ولكنه لم يفه ببنت شفه. . . وحين كانوا يسوقونه إلى الخارج ألقى على الفتاة نظرة عاجلة ولكنها كانت خالية من كل المعاني. . . وسر الفتاة أنه لم يقل شيئاً وأدركت أن هذا الرجل العظيم لم يكن على شاكلة الآخرين الذين أوقعتهم في حبائلها. . . كانوا يثورون ويلعنون أما هذا الرجل الباسل فقد كان هادئاً برغم الخطر العظيم الذي كان يحدق به. . .
ولم يتكلم فورناشوف أيضاً بل أومأ إلى أحد أعوانه بأن يجمع حقائب أندريه كما أرسل أحد الجنود لإحضار نجار يصلح الباب. . . وغادر الغرفة في النهاية وانصرفت فانيا على الأثر إلى منزلها.
وفي الصباح التالي كانت فانيا قد نسيت كل شيء عن أندريه وحين زارت فورناشوف في مكتبه علمت أن قلم المخابرات قد أحرز نصراً عظيما بالقبض على أندريه.
قال فورناشوف: إننا نأمل أن تكشف لنا الأوراق التي عثرنا عليها مع أندريه عن معلومات ثمينة إذ يبدو أن فيها ما يشير إلى وجود رجل إنجليزي في المؤامرة. . . وفي اعتقادي أن وجود الإصبع الإنجليزي في المؤامرات ضد الروسيا قد أصبح من الأمور المألوفة. . .