وقهقه ضاحكا إذ كان يشعر بالغبطة والانشراح. . . والتقط قلماً من فوق مكتبه وراح يعبث به. وهتف: لقد نجحت نجاحا عظيما يا فانيا فقد استطعت أن تقومي بدورك في هدوء وسكينة دون أن تثيري حولك ضجة تجذب أنظار الجمهور. . . إن أحداً - غير موظفي قلم المخابرات السرية - لا يعلم أن شخصاً معلوماً قد اختفي من عالم الوجود كما حدث أمس وكما سيحدث قريباً جداً. . . فقد وصل إلى علمي أن إنجليزياً على وشك الوصول إلى موسكو ولما كان أمر ذلك الإنجليزي يهمني فسأعهد إليك بالمهمة الخاصة به في الوقت المناسب. . . ولكن تذكري أنني لا أريد ضجة لا مبرر لها لأنني رجل سلام. . . والآن يمكنك أن تنصرفي أيتها المواطنة على أن تعودي بعد أسبوع. . .
كانت محادثتهما خالية من كل ما يشير إلى أندريه. . . ولكن ماذا يهمهما من أمره. . . لقد لاقى جزاءه المحتوم مثل الكثيرين الذين سبقوه في هذا المضمار. . .
كانت الفتاة تدرك ما حدث للجاسوس المسكين فقد كانت تعرف في مثل هذه الأمور ما لا يعرفه إلا القليلون.
وتمثلت في ذهنها اللحظات السوداء التي تمر بالجاسوس بعد القبض عليه وقبل أن يساق إلى الموت. . . وتراءى لها أندريه وقد ساقوه إلى مكتب المخابرات حيث مثل بين يدي رئيس المكتب الذي طلب إليه أن يتكلم ويبوح بكل ما لديه من المعلومات واعدا إياه بالحرية المطلقة أو على الأقل بالحرية داخل حدود روسيا السوفيتية. . . وتمثلت منظر الجاسوس وقد رفض التكلم لعلمه بغدر العارض، وعندئذ يسوقونه إلى سجنه المعتم حيث يوضع تحت المراقبة الدقيقة. . . فإذا كان الفجر سيق الرجل في دهليز طويل ضيق. . . ويبرز من إحدى المنعطفات رجل يسير بحذر وخفة ثم يرفع هذا الرجل يده وقد حمل فيها مسدسا يطلقه في هدوء على الجاسوس المسكين فلا يلبث أن يخر صريعاً. . .
وهكذا سوف تتخلص روسيا من أندريه ليرو الجاسوس الفرنسي الكبير. . .
كانت فانيا في طريقها من محطة المترو إلى فندق كوزموبوليتان وقد تدثرت بملابس ثقيلة التماسا للدفء. . . كان متجهة بكل أفكارها إلى شخص معين يدعى اليوت فانجدون.
لقد زودوها بكل ما يلزمها من المعلومات عن هذا الرجل وأوصافه ولكنهم لم يخبروها أن هذا الشاب من الشبان القليلين الذي لا يفقدون رباط جأشهم إبان أشد الأزمات خطورة وأنه