إذا ذكرتها النفس سالت من الأسى ... مع الدعم حتى لا تنهنه بالرد
فيا منزلاً رقرقت ماء شبيبتي ... بأفنائه بين الأراكة والرند
سرت سحراً فاستقبلتك يداً لصبا ... بأنفاسها وانشق فجرك بالحمد
وزر عليك الأفق طوق غمامة ... خضيبة كف البرق حنانة الرعد
وشوقي يحن إلى مصر، ويراها صورة من الجنة وإن تهاونت في تخليصه؛ وهو يحبها لأنها مدرج طفولته وملعب صباه، ومهبط آماله، ومجال عظمته، ومولد أبنائه وأحبائه ومثوى أجداده وآبائه، ويدعو بالخير لأيامه الماضية وحياته المسعدة المواتية حيث كان هو وأحبابه جمال الحياة، صلتهم حب ووفاء، وزمانهم حافل بالسعادة والصفاء. قال:
لكن مصر - وإن أغضت على مقة - ... عين من الخلد بالكافور تسقينا
على جوانبها رفت تمائمنا ... وحول حافتها قامت رواقينا
ملاعب مرحت فيها مآربنا ... وأربع أنست فيها أمانينا
ومطلع لسعود من أواخرنا ... ومغرب لجدود من أوالينا
سقياً لعهد كأكناف الربا رفة ... أنى ذهبنا وأعطاف الصبا لينا
إذ الزمان بنا غيناء زاهية ... ترف أوقاتنا فيها رياحينا
الوصل صافية، والعيش ناغية ... والسعد حاشية، والدهر ماشينا
(البقية في العدد القادم)
أحمد محمد الحوفي