وضوح فكرتي عن الخير؟ لقد باتت هذه الرغبة أقوى رغابي!
إن فكرة الإنسان عن الله هي وليدة تغطية إلى ضعفه هو. . . ولم يقنعني بوجوده بصلتنا به شيء أقوى من هذه الفكرة: ألا وهي أن كل مخلوق قد وهب من المسكنة ما يتفق مع ما يرغب فيه من مطالب، لا شيء أكثر من ذلك ولا شيء أقل؛ ولأي غرض وهب الإنسان قوة إدراك مثل هذه المسائل وهي العلة الأولى والأبد واللانهاية والقوة المطلقة؟ إن المقدمة فيما أتحدث عنه هي فروض تؤيدها علامات، وإن الإيمان حسب تقدم المرء يتمم صحة هذه الفروض).
وتشتد حيرته بعد ذلك فيقول: إني عاجز عن أن أثبت لنفسي وجود الله، أو حتى عن إيجاد قرينة مقنعة به؛ كما أني لست أرى ثمة ضرورة حتمية لهذا الإدراك، إنه لأيسر وأبسط أن نتخيل الوجود الأبدي للكون بنظامه العجيب الذي لا يمكن تصور مداه، من أن نتخيل وجود خالق له. . . إن تطلع الجسم والروح إلى السعادة هو السبيل الوحيدة إلى تفهم أسرار الحياة، وإذا تصادمت نوازع الجسم ونوازع الروح فيجب أن تهيمن نوازع الروح لأن الروح خالدة كالسعادة التي تنتجها. . . وإن تحقيق السعادة هو السبيل لتقدم الروح ورقيها. . . إني لست أفهم ضرورة وجود الله، ولكني أومن به وأصلي له كي يعنيني على أن أدركه).
وتنطوي سنوات كثيرة قبل أن يغير تولستوي ما أثبته في كراسته في نوفمبر سنة ١٨٥٢ وهو قوله (إني أومن بإله واحد لا تدركه الأبصار وأومن بخلود الروح وأومن بالجزاء على أعمالنا؛ وما يضيرني أني لست أفهم خفايا الثالوث ومولد أبن الله؟ إني أجل عقيدة آبائي ولست أجحدها).
ويتأمل الفتى غير الدين في أمر يتصل بالأخلاق فيقول (إن الضمير خير رائد لنا وخير ما نعول عليه من هاد، ولكني ما هي الشواهد التي بها نميز صوت الضمير من بين الأصوات الكثيرة التي تنبعث في أنفسنا، على إنه الصوت الوحيد الحق؟ ذلك لأن الغرور يتكلم بنفس القوة. . . إن الرجل الذي يكون غرضه في الحياة سعادة نفسه هو رجل سوء؛ وإن الذي يكون غرضه حسن رأى الناس فيه رجل ضعيف؛ وذلك الذي يجعل غرضه إسعاد الآخرين رجل خير؛ ولكن الذي يجعل غرضه وجه الله هو رجل عظيم. . . إن