للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

اللغة الإنجليزية، وله مقالات إسلامية وبحوث ثقافية ضافية كان ينشرها في مجلتي (الهلال) و (البلاغ) اللتين أنشأهما للدعوة إلى التحرر الديني والتحرر السياسي ثم عطلتهما الحكومة لشدة أسلوبهما، وعلى الرغم من هذه الغيرة الإسلامية الصادقة التي تفيض بها نفس ذلك الزعيم فإنه من أنصار الدعوة إلى توحيد الصفوف وجمع الشمل بين طوائف الهند، فلا شكل أنه سيكون خير سفير للهند في أقطار العروبة.

وزارة للفكر:

كتب مستر برناردشو الكاتب الأيرلندي الذائع الصيت إلى جريدة (التيمس) يقترح إنشاء وزارة للفكرة في إنجلترا ويقول في رسالته: (إن التقدم الذي أحرزته آسيا الصحراوية التي تسكنها القبائل حتى توصلت إلى قلب المدينة إنما يرجع إلى الاشتراكية الزراعية والصناعية. . . وإننا إذا ما وضعنا أسس الاشتراكية فلن يقف شيء في سبيلنا غير الكسل الفكري والسياسي، وخوفنا وكراهيتنا للتفكير. لدينا وزارات لكل شيء ما عدا وزارة للفكر على إنها العامل الوحيد الذي يستطيع مسايرة المدينة الحديثة).

وإني لأعجب لذلك الكاتب الكبير أن يقصد إلى حصر التفكير في حدود الرسميات وأن ينزعه من جو الصراحة والطلاقة حيث يعيش ليجعله في رعاية الحكومة تصرفه وتمشى به كما تريد، فإن ذلك في الواقع قتل للتفكير، وحجر على العقول الطليقة أن تثمر وتنتج.

وهل يعتقد برناردشو إنه لو كانت هناك وزارات للتفكير في العالم من قديم الزمان كان في الإمكان أن يصل تطور الفكر إلى تلك الحال التي بلغها وكان العالم قد رأى ما نراه اليوم من ألوان الفكر المختلفة في مناحي الحياة الاجتماعية والعلمية والأدبية والاقتصادية؟! كلا! ونحسب أن برنادرشو نفسه يعلم حق العلم إن تاريخ التطور في التفكير ليس إلا نزاعات ووثبات وصفت بالتمرد والتهور وقوبلت في أول الأمر من الحكومات والوزارات بالمقاومة والصرامة، وفي هذا السبيل كثيراً ما ذهب أصحاب الأفكار ضحية أفكارهم وتفكيرهم.

وشيء آخر نراه واضحاً ملموساً وهو يدحض ذلك الرأي الذي يراه برناردشو، ونعني به تلك الهيئات الرسمية والمجامع الحكومية التي تتولى الإشراف على ناحية من نواحي التفكير، فإننا نراها جامدة خامدة لا تسير إلا في بطء ولا تنتج إلا في ضوء المتابعة للتفكير الحر الخارج في دائرة الرسميات، ولهذا كثيراً ما كانت تلك الهيئات والمجامع في دائرة

<<  <  ج:
ص:  >  >>